رغم أهمية بلادنا الدولية والروحية ومساحتها الشاسعة والتي يقطنها أزيد من (30) مليوناً، إلا أنها تنظر لشقيقاتها دول الخليج العربي والتي يجمعها معها منظمة (مجلس التعاون الخليجي)، نظرة تقدير واحترام وتواضع، ولذا فإنّ دول الخليج العربي تشعر بهذه السياسة الحكيمة من المملكة وتعتبرها الشقيقة الكبرى أو الدولة الأم بما فيها دولة قطر، قبل سنة 1995م وأنا أتذكر بداية من عهد الملك فيصل - رحمه الله -، عندما يقوم أحد ملوك هذه البلاد بزيارة تفقدية للمنطقة الشرقية، يأتي أمير دولة قطر وملك البحرين باعتبارهما الأقرب للمنطقة الشرقية للسلام على الملك والترحيب به، وعندما يزور الملك محافظة حفر الباطن يأتي أمير دولة الكويت للسلام عليه وتحيته بحكم قرب هذه المحافظة من الكويت، وذلك من غير أن يطلب منهم ذلك وهو أمر راجع لإحساسهم بأهمية المملكة بالنسبة لهم وأنها تعتبر عمقهم الاستراتيجي، بالإضافة إلى شعورهم بوحدة الدم والمصير.
والمملكة تعي مسئولياتها الكبرى حيال ذلك، فقد حلت إشكالياتها الحدودية مع دول الخليج العربي بحكمة وهدوء وبعيداً عن الضجيج والإعلام ، كما أنها تدخلت لنجدة هذه الدول أثناء الأزمات، فقد كان لها دور كبير في تحرير دولة الكويت من احتلال نظام صدام سنة 1990م، وكذلك في وأد الفتنة التي حصلت في البحرين سنة 2011م، كما أنها توسطت في حل الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين إلا أنّ قطر آثرت رفع الموضوع لمحكمة العدل الدولية التي جاء حكمها في صالح البحرين، وقد ظل الاحترام المتبادل وحل المشاكل بالحكمة والهدوء هما السائدين بين دول الخليج العربي، حتى قبل قيام مجلس التعاون الخليجي سنة 1981م، وقد عزز قيام مجلس التعاون الخليجي ذلك ليس بين الحكومات فقط بل بين الشعوب أيضاً.
أما في سنة 1995م فقد تغير ذلك بالنسبة لدولة قطر فقط، بعد قيام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق بالانقلاب على والده الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير قطر الأسبق عندما كان خارج قطر، حيث أراد الأمير المنقلب على والده أن يبرر انقلابه بانتهاك سياسات ارتجالية وغير مدروسة، حيث أراد أن يجعل لقطر بزعمه مكانة دولية على حساب الآخرين، وأصبح يتحدث بلغة غير معهودة مع جيرانه دول الخليج، يساعده في ذلك وزير خارجيته ثم رئيس وزرائه فيما بعد الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، فقد أنشئت قناة الجزيرة ومهمتها السب والشتم والتدخل في شئون الدول الأخرى بما فيها بلادنا المملكة العربية السعودية والبحرين والأمارات ومصر، التي قابلت ذلك بالصبر على هذه التصرفات لعل قطر تعود إلى رشدها، ولكنها استمرت إلى أن تم توقيع اتفاق سنة 2014م بين قطر والمملكة بأن تتخلى قطر عن تصرفاتها تلك، إلا أنها نقضت هذا الاتفاق بعد مدة قصيرة وعادت لما كانت عليه مما دعى الدول الأربع - سالفة الذكر - إلى مقاطعة قطر برياً وجوياً في سبيل أن تعود للصواب، فهل تعود إليه:-
إنّ من صالح قطر وشعبها قبل كل شيء العودة إلى السياسة الحكيمة والمتعقلة، فليس لقطر غنى عن شقيقاتها وبالذات المملكة عمقها الاستراتيجي ، كما أنها لن تستطيع مواجهة هذه الدول التي لم تتجنّ عليها بل صبرت عليها كثيراً وهذه المقاطعة لم تتم إلا بعد نفاذ صبرها.
قطر وهبها الله ثروة تزيد على احتياجاتها فبدلاً أن توظف تلك الثروة في مشاريع تآمرية أو غير مجدية، عليها أن توجه ذلك لمساعدة الدول المحتاجة من عربية وإسلامية ونحوها، وأن تقوم بإقامة مشاريع اقتصادية تستفيد منها هي والدول المجاورة، كما هو الشأن في دبي وسنغافورة وهونج كنج ونحوها.
والله الهادي إلى سواء السبيل،،،
** **
ssnady592@gmail.com