خالد بن حمد المالك
حين صدر القرار برفع أسعار (البنزين) إلى أكثر من الضعف توقعنا أن تنخفض حركة السير وإن لم تكن بذات النسبة، وبالتالي يختفي ازدحام السيارات في الشوارع، وتنتهي الاختناقات، ويصبح الوضع طبيعياً كما هو في كل عواصم العالم التي تماثل الرياض في عدد سكانها وسعة شوارعها، وتعدد الأنفاق والجسور فيها، غير أن الحالة بقيت على ما هي عليه دون تأثير لهذه الزيادة في أسعار وقود السيارات على حركة المرور.
* *
وعندما دخلت الضريبة المضافة على حياتنا، توقّعنا أيضاً أن يكون لها تأثير هي الأخرى على حركة البيع والشراء بوقف هذا الجنون بشراء ما لا نحتاجه من المواد، وإيقاف الهدر المالي على المتطلبات التي يمكن الاستغناء عنها، غير أن (المولات والسوبرماركات) وجميع أماكن ومنافذ البيع لم تشهد أي إيقاف لهذا السلوك مع ارتفاع الأسعار بمقدار الضريبة المضافة بعد أن تم إقرارها.
* *
الكهرباء والماء دخلتا على الخط ورُفعت أسعارهما، وما زلنا ننتظر نهاية الشهر لنعرف حجم الفرق بين ما كانت وما أصبحت عليه وفق التسعيرة الجديدة، غير أن المؤشرات لا توحي - على ما يبدو - بأي تغيير في ثقافتنا للتعامل مع هذه المستجدات، حتى ولو أننا لن نكون قادرين على استيعاب هذه التكاليف، وأننا سوف نتحمل ما يوجعنا ويؤثر سلباً على أولوياتنا في الصرف على ما يفيدنا.
* *
نحن أمام انكماش اقتصادي عالمي، وانخفاض في أسعار النفط، وارتفاع يتصاعد بحسب فاتورة شراء كل مستورد جديد، ما يعني (ربما) ارتفاعاً مركباً بالأسعار، وبالتالي ارتفاع ما ننفقه على متطلباتنا الحقيقية، وتلك التي لا تكون هناك حاجة لها، بذات الكمية أو العدد أو التوقيت، ومع ذلك ليست هناك مبادرات فردية للتعامل مع هذه التطورات.
* *
وإذا أضفنا إلى ذلك الضرائب الأخرى على العمالة والرسوم الأخرى على بعض المستوردات أدركنا كم نحن في زمن يتطلب منا الترشيد في النفقات، والنظر إلى وضعنا الحالي بتعقل، وبما يستجيب لمصالحنا الشخصية. غير أننا واجهنا هذه المستجدات بعدم المبالاة، ونظرنا إليها على أنها ضمن عمل الممكن القادرين على استيعابه وتحمله.
* *
أنا هنا لا أقدم النصائح لنفسي ولكم، ولا أُعرِّف بما لا تعرفونه، وإنما أُشخِّص حالة، وأقرأ بتأن وتمهل صورة ما أراه بعيني وأسمعه بأذني، في زمن يئن البعض من نفاد مصروفه قبل نهاية الشهر، دون أن يراجع خطوات سلوكه غير المبرر في مشترياته، أو يفكر بما فيه مصلحته واستقراره مالياً.
* *
ما يهمني أن أذكِّر، وأقرع الجرس، وأرسل هذا المشهد كما رأيته، وأن أسمح لنفسي بأن أقول ما أعتقد أنه يهمُّكم، وأنكم تشاركون معي البوح عن هذا الهم الذي يزعجنا، مع أنه في جزء كبير منه من صنع تصرفاتنا وثقافتنا التي لم تتغير بعد.