فهد بن جليد
بالأمس نُشرت تقارير صحفية سعودية عن مواجهة خفية بين وزارة الصحة و(مافيا شركات الأدوية) التي تروِّج وتسوق للأدوية الرديئة, أو ذات الحد الأقل من المأمونية والفعَّالية، عن طريق استمالة بعض الأطباء في المُستشفيات, بإغرائهم برحلات سياحية لحضور مؤتمرات علمية, أو الحصول على ساعات تدريب مُعتمدة, دون أدني مسؤولية أو قلقل على صحة وسلامة المريض والمجتمع, عند اختيار هذه الأدوية والتسويق لها, على حساب الأدوية الجيدة وذات الكفاءة المأمونية العالية, وكيف أنَّ وزارة الصحة شدَّدت على عدم السماح بدخول مندوبي تسويق تلك الشركات إلا بترتيب مُسبق مع جهات الاختصاص,لضمان التسويق الآمن للأدوية المُناسبة, وهذا - برأيي - حل أولي مقدر ولكنه قد لا يُنهي المُشكلة, وأقترح على الوزارة مُحاسبة الطبيب الذي يصف مثل هذه الأدوية ويسوِّق لها بشكل غير مُباشر.
قبل سنة تحدثنا هنا عن نية وعزم الوزارة الاتجاه نحو إلزام الأطباء بكتابة الوصفات بالأسماء العلمية لتركيبة العلاج, لا بالأسماء التجارية للشركات المُصنعة, طمعاً في خفض التكلفة على المريض ومنحه مساحة أكبر من الاختيار بين الأسماء العالمية والأدوية محلية الصنع, وكان تخوفنا من وقوع المريض (فريسة) للصيدلي مع عدم فهم الأول وقدرته على المُقارنة والاختيار بين الأدوية, واقترحت حينها البدء تدريجياً في كتابة الاسم العلمي للدواء كمرجع في الوصفة التي يكتبها الطبيب مع ترشيح اسم تجاري واحد كخيار للمريض, لأنَّنا بكتابة الاسم العلمي فقط سننقل المُشكلة من الطبيب إلى الصيدلي الذي سيحاول حتماً الترويج للعلاج الأكثر ربحاً بالنسبة له, وسيكون هدفاً أسهل لتلك الشركات.
فالحل الجذري - كما أرى- يبدأ من عند الطبيب داخل العيادة, ومن خلال الوصفة الطبية (الروشته) تحديداً, فعندما يتم ضبط هذه المسألة ومُخالفة الطبيب المُتجاوز تنتهي المُشكلة كُلياً ولا يصبح لتلك الشركات أي تأثير سلبي, ويمكن ذلك من خلال الاعتماد على الوصفات الإلكترونية المطبوعة لا المكتوبة، أو كتابة الوصفة على ورقة من أصل وصورة لتكون مرجعاً رقابياً لوصفات الطبيب, مع تحذير المرضى من قبول الوصفات المكتوبة على أوراق بيضاء بأسماء تجارية .
ليس عيباً أن تتم رقابة الأطباء من قبل مرجعية وزارة الصحة، كما أنَّ من حق تلك الشركات تسويق مُنتجاتها بشكل آمن وبالطرق الصحيحية, ولكن الأهم والفيصل دوماً هو تثقيف المريض بكيفية الاختيار الصائب بين الأسماء التجارية تبعاً لوصفة ورأي الطبيب المُعالج, ومعرفة حقوقه في ذلك.
وعلى دروب الخير نلتقي.