لبنى الخميس
هل سألت نفسك يوماً.. من أنا؟كيف أبدأ؟ وإلى أين اتجه؟ هل أنا في الوظيفة الصحيحة؟ أرافق أصدقاء جيدين؟ ومرتبط بالشريك المناسب؟ هل يساورك الشك باستمرار عمّا إذا كنت عاملاً، مؤثراً في محيطك.. وصوتاً مسموعاً في عملك.. وقيمة مضافة للعالم الشاسع من حولك؟ هل تملك أهدافاً كبيرة لا تعرف كيف تبدأ بتنفيذها؟ وتطمح لزيارة أماكن بعيدة لا تملك خرائط الوصول الآمن لها?!.
لا تخف لست وحدك.. أنت ابن العقد الثالث من عمرك.. حيث أزهى سنين العمر.. ?أكثرها انطلاقاً.. وأوسعها بهجة.. ?لكنه أيضاً، عقد مثقل بالفوضى وعدم الاستقرار.. خياراته وفرصه كثيرة.. وشكوكه وتقلباته أكثر.. عقد تحدث فيه معظم التغييرات الجذرية في حياتك.. وتُخط فيه بدايات الفصول الكبرى في مسيرتك.. ففي دراسة نادرة عن تطور العمر، قامت بها جامعة ميتشغن، بقراءة وتحليل عشرات القصص والتجارب التي كتبتها شخصيات ناجحة في نهاية مشوارها..? بهدف اقتناص أهم الظروف التي شكلت شخصياتهم، وصاغت شكل وحجم نجوميتهم.. وجدوا بأن أهم الأحداث وأكثرها تأثيراً وقعت في العشيرينات من حياتهم.?
فكروا فيها.. معظم الأحداث المفصلية في حياتنا تحدث في العقد الثالث.. نتخرج من الجامعة،?ندوام في أول وظيفة رسمية، نختار القائمة شبه النهائية لأصدقائنا، نتعرف على شريك حياتنا، وغالباً ما ننجب طفلنا الأول، كل ذلك يحدث بسرعة قياسية دون آن يسألك أحد هل أنت مستعد؟ وما هي خطتك للتعامل مع هذه التغيرات؟ ما يجعلك عرضة للإصابة بما يسمى بـ «أزمة ربع العمر» التي غالباً ما تصيب الخريجين الجدد من الجامعة، بعد صدمة الدخول إلى العالم الواقعي بعيداً عن أسوار الجامعة.. أروقة قاعاتها..?وإرشادات أساتذتها.
حين كان دورك واضح المعالم.. ?والنجاح والفشل معرّف لك بشكل دقيق ومريح.. أن تنهي عددا معينا من الساعات.. وتحقق معدل محدد لتصل لوجهتك النهائية (التخرج) بينما في سباق الحياة وتحديداً بعد الجامعة أنت لا تعرف أين تذهب؟ وما هي مقاييس النجاح ومعايير الفشل؟
بعد التخرج هناك طفرة في الخيارات.. هل تبدأ عملك الخاص أو تعمل بدوام جزئي؟ تعمل في الحكومة وتظفر بالأمان الوظيفي أو تختار القطاع الخاص وتكسب خبرة؟ تكملين دراستك وتستشعرين بلذة تحقيق ذاتك أو تختارين الارتباط وتؤسسين أسرتك الصغيرة ؟ خيارات كثيرة قد تكون مفرودة أمامك في وقت واحد، ولكنها تشغلك حتى قبل أن يحين موعد اختيارها وسط شح في الأدوات التي ستدلك على الأقرب لك والأنسب لمستقبلك!
تلك الأسئلة تتضخم.. ويتعاظم أثرها مع سيطرة مواقع التواصل الاجتماعي.. وما تجره من سيل الأخبار اليومي عن حياة أقراننا، صورهم.. سفراتهم.. إنجازاتهم.. حالتهم العاطفية والمهنية.. زميل دراستك الذي أنهى الماجستير.. صديقك الذي نجح في تأسيس مشروعه الخاص.. ورفيقة دربك التي على وشك إنجاب طفها الأول.. ليظل السؤال، هل هذه الأحداث هي ما نتمناه نحن لذواتنا وننشده لأنفسنا؟ لا يهم ففي العشرينات قد تقع ضحية الهوس بنظرة الآخرين لك وحكم المجتمع عليك.. مما قد يفصلك عن رغباتك العميقة وأمانيك الحقيقية.. لتعيش صراعاً بين ما يجب وما تحب.?
وأمام هذه التحديات المختلفة تتعالى الأصوات المطالبة بحلول لها... في المقال القادم نتناول بعض الحلول لرحلة أكثر ثراء ومتعة للعشرينيين.