د. محمد عبدالله الخازم
رغم تكرر الحديث حول إيجاد فروع للجامعات الأجنبية في المملكة، إلا أننا تأخرنا كثيراً في ذلك رغم عضويتنا في منظمة التجارة العالمية واهتمامنا بالاستثمار الأجنبي. كانت الفرصة الذهبية حين أسسنا جامعات جديدة بأن تكون عبر شراكات دولية، ولكن لم يحدث، ربما للقناعات حينها بأن الجامعات الأجنبية شر يقود للتغريب ونشر الأفكار غير الملائمة لمجتمعنا أو لأسباب أخرى. الجامعات الأهلية والخاصة التي عولنا عليها في هذا الجانب مؤملين أن تكون أكثر تحرراً في التعاون مع الجامعات الأجنبية، اتجهت نحو تقليد النماذج المحلية والانكفاء على ذاتها بحثاً عن الأرباح السريعة.
كانت هناك محاولة فيما عرف بكليات التميز التقنية وفكرتها المتمثلة في إحضار كليات أجنبية تقنية لإدارة كليات تقنية سعودية. التجربة يبدو أنها تمت على عجل، وواجهت وما زالت عدة صعوبات قادت لانسحاب بعضها بسبب عدم وضوح الرؤية وغياب التشريعات المناسبة لذلك. عموماً، هي تجربة تكافح للاستمرار...
الجامعات الأجنبية تسهم في تقديم تعليم متميز يقود لتقليص أعداد الدارسين بالخارج واستقطاب الطلاب الأجانب وتقديم جودة أفضل للتعليم الجامعي بالمنافسة مع التعليم المحلي، ...إلخ. على أرض الواقع سيبدو من الصعوبة بمكان استقطاب فروع جامعات وفق مفهوم الاستثمار الأجنبي، حيث العائد الاقتصادي والبيئة الثقافية والتنظيمية لا تحفز على ذلك، في الوقت الراهن. هذا ما أدركته العديد من الدول التي قامت بتأسيس ما يعرف بالتجمعات التعليمية (Educational Hubs) على غرار المدن الصناعية والمدن الاقتصادية والأحياء المالية والمدن المعرفية، حيث يوفر ذلك البنية التحتية والدعم للجامعات الأجنبية وفروعها. هذا النموذج نلحظه في دول عديدة؛ مدينة دبي الأكاديمية العالمية والقرية المعرفية، مدينة التعليم العالي في البحرين، بيت المدارس العالمي في سنغافورة، مدينة كوالالمبور التعليمية، المجمع التعليمي الإقليمي في هونك كونق ...إلخ.
رغم اختلاف التجارب - أعلاه- في التفاصيل إلا أن الأهدف الرئيسة هي خلق التنافس وتخريج قوى عاملة مؤهلة تأهيلاً عالياً. إضافة للاستثمار الأجنبي والتحول إلى مركز للطلاب الأجانب. على سبيل المثال بلغ الطلاب الأجانب في الإمارات 73.455 طالب وطالبة في عام 2017م وهذا يعني أن استقطاب الجامعات الأجنبية تجاوز مجرد تعليم الإماراتيين إلى استقطاب الطلاب الأجانب.
هدفنا يجب أن يكون رفع قيمة التنافسية العلمية للجامعات السعودية، ونقل وتوليد المعرفة وتطوير السياسات وزيادة الاستثمار التعليمي المحلي والأجنبي وتقليص برامج الابتعاث وغير ذلك من المحفزات. هناك حاجة، أولاً، لتحسين البيئة القانونية والتنظيمية لهذا الأمر. وبناء على التجارب أعلاه، تبدو التجمعات العالمية هي الأنسب بحيث يكون لدينا المدينة التعليمية أو المعرفية العالمية Saudi International Educational Hub) (نواتها موجودة في جامعة الملك عبدلله للعلوم والتقنية ولاحقاً يمكن تأسيس مدن أو مجمعات أخرى. جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ذات بعد دولي مستقل وليس فرعاً لجامعة أجنبية بذاتها. وجود شبكة مؤسسات متقدمة حولها ربما يزيل بعض عزلتها ويسهم في تطويرها! وليطمئن المعارض للتعليم الأجنبي يمكن وضع الشروط التي نراها، كتدريس مقررات في اللغة والدين الإسلامي، عدم بيع الخمور وعدم الانخراط في مجال الدعوة للأديان وتجنب العمل السياسي. ..إلخ.