ياسر صالح البهيجان
الرقية الشرعية هدي نبوي كريم ثابت بالأدلة الصحيحة، وأكدت التجارب قدرة الرقية على الشفاء من الأسقام بعد مشيئة الله، ولن يتجه حديثنا صوب مشروعية الرقية لأن ذلك من المسلّمات، ولكننا سنسلّط الضوء على جملة من يتسمون بالرقاة ويمارسون العمل لأغراض دنيويّة دنيئة، واستغلال فجّ لأسقام البشر، إذا ما علمنا بأن عددًا ليس بالقليل منهم لا يمتلكون تأهيلاً شرعيًا كافيًا، فضلاً عن أولئك الذين لا يحسنون قراءة القرآن الكريم دون أخطاء لغويّة، وسوء فهم للمعاني، وتحريف للنصوص عن مواضعها.
مؤسف القول بأن الرقية الشرعية تحولت إلى سوق للتكسّب غير المشروع وسط ضعف الرقابة من الجهات المسؤولة، وبجهل أيضًا من بعض أفراد المجتمع، الذين يتجهون إلى كل من بدت عليه علامات التدين؛ لينقذهم من أمراضهم برقيته الشرعية، وينطلق الراقي الوهمي بتوزيع تشخيصاته الروتينية، هذا ممسوس وذاك مسحور وهذه معيونة، ويستمر باستدراج الضحايا وسلب أموالهم دون حق، وإن كانوا يتحملون جزءًا من المسؤولية لثقتهم بمن ليس أهلاً للثقة.
بعض المنتسبين زورًا للرقية الشرعية تجاوزوا مرحلة سرقة الأموال، ودخلوا في نفق الابتزاز والتحرّشات الجنسية وإقامة العلاقات المحرَّمة، كان ذلك عندما أمنوا العقاب وأدركوا أن عين الرقيب الدنيوي غائبة، وعلموا بأن حسن ظن المجتمع سيمنحهم مساحة لممارسة الاحتيال واستغلال حاجات البشر بأبشع طريقة.
حال الرقاة الشرعيين حاليًا فوضويّ إلى أقصى حد، واستمرار تلك الفوضى أمر غير مبرر، فلا بد من تشديد الضوابط وفرض القيود والرقابة الكافية لمكافحة أنصاف الرقاة، والحد العاجل من إساءتهم للدين والمجتمع، وما المانع بأن تُصدر وزارة الشؤون الإسلامية تراخيص مهنيّة ذات ضوابط مشددة وصارمة لفرز الرقاة وتصنيفهم واعتماد الكفاءات المؤهلة منهم، ونشر قوائم تضم أسماء المعترف بهم حسب مناطق المملكة، ليعرف الناس إلى من يتجهوا إن أرادوا من يرقيهم، ويفرقوا بين الدجالين المتكسّبين بغير حق وبين الرقاة المعتبرين والمرخصين.
ولا ننسى الإشارة إلى أهميّة تخصيص أماكن ملائمة لممارسة الرقية الشرعية، تُحفظ فيها الحرمات، وتُراعى فيها معايير الأمن والسلامة، وتنتهي بها حقبة الرقية في الاستراحات والشقق والمنازل بعد أن ثبت ضررها، وفظاعة الانتهاكات الحادثة فيها.
القضيّة تتطلب تشريعات مستحدثة تعالج السلبيات القائمة، وتضع حلولاً تعيد ثقة الناس بالرقية الشرعية بوصفها إحدى السنن الثابتة عن رسولنا الكريم.