رقية سليمان الهويريني
إِبَّانَ بدايات التعليم في المملكة تسرّب من المدارس عددٌ كبيرٌ من الطلبة رغم قلة أعدادهم آنذاك. والسبب الرئيس كان الضرب المبرح من لدن أغلب معلميهم، حيث كان العنف المرتبط بالتعليم سائداً! وكانت عبارة ولي أمر الطالب (لكم اللحم ولنا العظم) ترافق تسجيل التلميذ في المدرسة؛ كناية عن تمزيق اللحم بالضرب طالما يؤدي للتعلم والنجاح نهاية العام، كما كانت كلمة (ساقط) متداولة للراسب! حتى صدر قرار وزاري بعدم تداولها أوكتابتها في الإشعارات مطلقاً! مثلما تم منع الضرب في المدارس، مقابل استخدام اللين في التعامل، أملاً لتحويلها إلى بيئة جاذبة بحسن المعاملة والارتقاء بالطلبة، فبيئة المدارس الطاردة تتسبب في تسرب الطلبة.
ما يزعج الآن هو وجود عنف وعنف مضاد في المدارس! مثلما تسبب معلم بحصول كدمات على وجه طالب، وكسر يد تلميذ من قِبل معلمه المربي وغيرها كثير!
إن حدوث هذه الحالات وتكررها ينبئ عن اعتلال نفسي لدى بعض المعلمين تجاه المهنة وطلبتهم بما يشير إلى عدم إدراكهم لقداسة المهمة التي يؤدونها، فالرسول- صلى الله عليه وسلم- دعا لمعلم الناس الخير، ونادى بالرفق والتعامل مع الناس بالأخلاق، فقال- عليه الصلاة والسلام-: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم بسط الوجه وحسن الخلق).
ولعله من المفيد توجيه بعض المعلمين لأطباء نفسيين لعلاجهم وتأهيلهم نفسياً قبل عقابهم أو فصلهم، لأنه لم يتم تأهيلهم لهذه المهنة العظيمة، ولم يستشعروا أهميتها وما يمكن أن تؤدي إليه ممارساتهم السلبية. وما يؤسف له أن العنف ليس موجهاً للطلبة، بل حتى بين المعلمين أنفسهم، وبينهم وبين قادة مدارسهم، وكذلك العنف ضد المعلم من قبل طلاب الثانويات والجامعات، كما حصل سابقاً من إطلاق طالب النار على أستاذه، وتحطيم سيارات بعض المدرسين أو إحراقها؛ وهي تغذية راجعة، فمن تشرّب العنف قد يكون عنيفاً.
ولكي يكون تعليمنا مفيداً عقلياً ونفسياً؛ لا بد أن يكون الطالب محباً للتعليم والمعلمين، لتكون الأسرة مطمئنة على أبنائها، ويسود المجتمع حالة من السلم واللطف.