لماذا تغضب أمي مني إذا اخترت عزلتي وهي التي تعلم بها منذ طفولتي وتدرك أنها تتكاثر وتنبسط في شوارع نفسي كلما كبرت؟!
أكثر من مرة حاولت أن أجلس إلى جوار أمي وأنا أكتب إلا أن العزلة كثيرة الأنانية تريد أن تخلو بي.
ما بين أمي والعزلة تنافر غير مبرر لي فأمي طفلتي المدللة وعزلتي رفيقتي الغيور.
يا أم عمري وحديقة قلبي يا ملكة أحاسيسي ومنطق حسي أرجوك لا تغضبي علي
إن أنا عصيتك بعض الوقت وأطعت عزلتي فإذا لم أتبعها وأنفض كل ما في صدري من هموم على مائها فسأكثر من تجريح مراياك الناصعة بأوجاعي الشخصية، أرغب في تطهير نفسي من كمائنها التي ربما تؤذيك بل تؤذي كل شيء من حولي. العزلة ضرورة وليست شيئًا طارئًا كلما أجلت زيارتها عذبتني كائناتي الحساسة وأرقني حنينها.
سأدعوك إليها مرة لتري كم هي هادئة مثل نسمة ربيعية مليحة مثل ابتسامتك الفارهة التي تجعل كل أنحاء بيتنا تتراقص وتهمي مثل المطر.
سألعن عزلتي كثيرا إذا أغضبت شعرة من رأسك الشامخ بل سألعنني يا خرزة روحي البيضاء. سألعن المعاني إذا لم تتضامن معك علي ونترافق في نظرتك الحنون، تلك النظرة الحادة ذاتها تلك المثيرة للكون والبشرية منك اكتسبتها لتفتتن بها عيناي تلك النظرة التي لا تحتمل جاذبيتها أمة بكاملها. أخال أن التغني بها وتحليل قدرتها الفريدة النادرة على النفاذ إلى السموات كلها لن يكفيه شعر أو نثر. ما شاء الله حسبي. أستعذب تكشيرتك التي تشعشع فضتها في ناصيتك أتقلد عتابك الذهبي المحلى بفصوص الياقوت الرباني أحيط بك رقبتي كل العمر. أحيط بك وحدك دون عزلة ولارفقة أيتها الأم.
** **
- هدى الدغفق