موضي الزهراني
لا يرضى عقل طبيعي باستغلال الفتيات الصغيرات مادياً في زواج غير متكافئ عمرياً، كمثل بعض حالات العنف الأسري التي واجهتني في سنوات مضت عندما تهرب فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها 18 عاماً من منطقة لأخرى طالبة المساعدة بسبب تزويجها من رجل مُسنَ تجاوز عمره السبعين عاماً «فالفارق العمري الكبير ما بينهما» سبباً قوياً لوقوع العنف الجسدي والنفسي والجنسي على فتاة صغيرة ما زالت تعيش سنوات الطفولة بكل براءتها! ولكن في الوقت نفسه تعاملت مع حالات فتيات صغيرات هربن من منازلهن ووقعن في قضايا أخلاقية وجنائية بسبب رغبتهن في الزواج من رجال مقاربين لهن في العمر «في مرحلة العشرين» ولكن رفض أسرة الطرفين بسبب صغر عمرهما، يكون دافعاً لهما للهروب والوقوع في العلاقات غير الشرعية بهدف الضغط على أسرتيهما لتزويجهما بعد ذلك! ولكن للأسف النهاية تكون مأساوية ، لتعنت أسر الطرفين وعدم الرغبة في الستر عليهما ، مما يتسبب ذلك بدخولهما السجن وتخلي بعض الأسر عن أبنائها وبقائهم في المؤسسات الإصلاحية لسنوات طويلة وخاصة «الفتيات»! فإذا سلطنا الضوء بعمق على هذه النماذج لنجد بأنه من الأهمية عند مناقشة زواج الصغيرات التعمق في الخصائص النفسية والجنسية لهذه المرحلة العمرية واختلاف رغباتها واحتياجاتها من حالة لأخرى! والتي قد لاتجدي معها القرارات الرسمية في معالجتها ولايمكن تعميمها على كل الحالات! فهناك حالات شاذة تتطلب الإنقاذ من خلال تزويجها لمعالجة مشكلة قائمة قد تتطور لماهو أسوأ كمثل الحالات التي يكون عندها النمو الجنسي متطوراً بغض النظر عن العمر وخاصة ما بين 15 - 18 عاماً! وهناك حالات قد تصل إلى مرحلة العشرين عاماً لكن تفتقد للرغبة والقدرة الجنسية مما يتطلب التدخل لإنقاذها في حالات الزواج غير المتكافئ عمرياً! لذا فإن وزارة العدل كانت عادلة في توصياتها بشأن إقرار الآلية المناسبة لمعالجة زواج الصغيرات، وذلك بقصر زيجات من هن دون السادسة عشرة على المحاكم المختصة، ومنع المأذونين كافة من تولي ذلك إلا بموافقة خطية من قبل المحكمة المختصة! والأهم في ذلك ما تضمنه القرار في احضار ولي الأمر تقريراً طبياً من لجنة مختصة تتكون من اختصاصية نساء وولادة واخصائية نفسية واجتماعية لاستصدار تقرير يثبت اكتمال الفتاة للقدرة الجسمية والعقلية وأن الزواج لا يشكل خطراً عليها، وكذلك موافقة البنت ووالدتها على هذا الزواج لاسيما إذا كانت الأم ملقة! وبالرغم من قلة الوقائع التي أشار لها تنظيم وزارة العدل إلا أن الوقاية خير من التدخل المتأخر، مع ضرورة التوعية عن دور الأسرة في حماية أبناءها واستقرارهم أسرياً ، بدلاً من تعرضهم لتجارب زواجية مأساوية ، أو الوقوع في علاقات غير شرعية يدفعون ثمنها طوال حياتهم!