ميسون أبو بكر
لم يكن صباح الاثنين الماضي صباحًا يشبه الصباحات الأخرى، بل إنني إلى الآن لم أنج من تفاصيله ومن ذاكرة السويعات التي أُعدها مثل نسيم هوى فيروز -نسم علينا الهوى- التي تجتاحنا بمجرد استماعنا لأغنيتها تلك وفي كل الظروف حتى القاسية منها.
كان صباح الاثنين حافلا منذ الثامنة حيث تجمع المدعوين من قبل الهيئة الملكية للعلا في صالة الطيران الخاص لتعبر بنَا الطائرة إلى رؤية 2030 التي تجلت في المدينة التاريخ، ومشروعات الهيئة الملكية لمحافظة العلا فيها.
الحدث بدا بسيطاً وهو مؤتمر صحافي للإعلان عن أولى مبادرات الهيئة الخاصة بتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية من أبناء المنطقة وابتعاثهم لأمريكا وفرنسا وبريطانيا في مجال الآثار والضيافة والزراعة.
الفكرة التي تركز على تأهيل الإنسان لتنمية وإعمار المكان الذي يتأهل ليكون وجهة سياحية عالمية كونه الأغنى عالميًا في الآثار، والذي لأجله أنشئت الهيئة الملكية لمحافظة العلا التي تُعنى بتطوير المحافظة على نحو يتناسب مع قيمتها التاريخية ومقوماتها الطبيعية وما تحتويه من مواقع تاريخية.
سأظل أتذكر الكلمات التي قالها المشاركون في المؤتمر الصحفي الذي أعد بحرفية، منها قول الرئيس التنفيذي للهيئة المهندس عمرو المدني «كل مواطن بالعلا هو موظف بالهيئة الملكية للعلا؛ المتقاعد والطالب والمزارع والموظف وكل امرأة ورجل وطفل يعيش على ثراها ويتنفس هواءها.
دكتور عيد اليحيى عضو اللجنة الملكية الباحث في التراث ومقدم البرنامج الشهير «على خطى العرب» تحدث عن المواطنة وثالوث النجاح وعن أبناء العلا المعنيين بالاهتمام بتراث وتاريخ محافظتهم وتقديمه للعالم وتصحيح الصورة المغلوطة عن السعوديين وأنهم جديرون بجعلها وجهة عالمية وعن كونهم مرآة جميلة في معرفتهم وفكرهم وتعاملهم.
للأمكنة ذاكرة والذي تُرضعه تضاريس هذه الأماكن -جبالها وسهولها وغابات نخيلها ورمالها ونقوشها وطلحها وسمرها- فلا بد أن يكون شامخا راسخا كجبالها الشاهدة على حضارتها وتاريخها.
عبرنا عبر هذه الرحلة إلى رؤية 2030 وكانت لناظرنا قريبة فكل ما خطط له عرّابها ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان رئيس الهيئة الملكية للعلا اتضح لدينا عبر مشروعات أطلقت بالفعل وسيكون قطافها قريبا -بإذن الله-.
على هامش الأحاديث الجانبية للمؤتمر وفي أحضان العلا التاريخية أطربتني جملة للدكتور أحمد العبودي «نحن قوم مشغولون بالعمل وبرؤية البلاد ولا وقت لدينا للالتفات لنعيق من يشعر بالغيرة والحسد مما وصلنا إليه، نحن نعمل وننقّب ونكتشف ونقدّم إرثنا للعالم الذي تبهره حضارة هذه البلاد»، حصادنا قريب ووفير -بإذن الله- وأهل هذه البلاد أهل لرؤيتها.