د. أحمد الفراج
منذ أكثر من عام، يستميت اليسار الغربي عموما، والأمريكي خصوصا، ويساندهم اليسار العربي البائس، والخلايا التابعة للأنظمة المارقة، في تشويه صورة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، وكان مؤلما أن محللين سياسيين، عرب وخليجيين، ركبوا هذه الموجة، وتخلوا عن الحياد، ليتحدثوا بشكل رغبوي لا منطقي، عن قرب عزل ترمب!!، ولم أكن أتخيل أن يصبح من كنا نظنهم شيئا مذكورا في التحليل السياسي مجرد ريبورتات يتم تلقينها ما تقول، مقابل حفنة من الدولارات والريالات، التي تستخدم للتضليل، ولكنه زمن رديء، ظنت فيه بعض الأنظمة السياسية أن قيامها بأدوار استخباراتية يعني أنها أصبحت قوى عظمى يشار لها بالبنان، وتستطيع مناكفة القوى الكبرى إقليميا وعالميا!.
المثير للسخرية هو أن الحديث عن عزل رئيس أقوى دولة عرفها التاريخ، صار لدى المحللين الرغبويين مثل الحديث عن عزل رئيس جمهورية مجهولة في حوض الكاريبي، وظن هؤلاء الجهابذة أن ترمب قاب قوسين من العزل، وحتى لا نظلم هؤلاء كثيرا، فإن بعض عتاة اليسار الغربي ذهبوا بعيدا في هذا الإطار، ولكنهم لم يصلوا مرحلة محللي الرغبوية العربية بكل تأكيد، وبسبب هذه التحليلات، فإن أكثر سؤال يردني من القراء الكرام يتعلق بعزل ترمب، لدرجة أنني كتبت مرارا عن ذلك، ولو كان هناك ما يستدعي صدور هذه التحليلات المدفوعة الثمن، لتفهمنا الأمر هذا، ولكن كل ما حدث هو تجسس، أي تدخل روسي في الانتخابات الأمريكية، وهو أمر مثبت، بعد أن أكدته الاستخبارات المركزية الأمريكية، كما أنه أمر متوقع في العلاقات الدولية، وبين القوى العظمى، فأمريكا نفسها تتجسس على روسيا!.
محللو الغفلة الرغبويون العرب يخلطون بين هذا التجسس الروسي المتوقع، وبين علاقة الرئيس ترمب بذلك، وهو الأمر الذي لو ثبت، فإنه يعتبر خيانة عظمى، ولكنه لم يثبت، رغم مرور أكثر من عام على البحث والتمحيص والتحقيقات، التي ضخمها الإعلام الأمريكي، وساندتها كل القوى السياسية الفاعلة، التي يتزعمها الحزب الديمقراطي، الذي أصيب بمقتل، بعد فشل مرشحته، هيلاري كلينتون، في هزيمة السياسي المستجد، الذي لا يملك معشار تجربتها السياسية، أي ترمب، ولا زالت الجعجعات تواصل ضجيجها حول علاقة ترمب بالتدخل الروسي، ولكن دون جدوى، ومن المسلم به أن ترمب يؤمن بأن العلاقة الجيدة مع روسيا أفضل وأجدى من مخاصمتها، إذ سيكون للتفاهم الأمريكي-الروسي دور كبير في حل القضايا العالقة بين الدولتين، وحلحلة معظم قضايا العالم، ولكن هذا لا يعني أبدا أنه يتعاون مع روسيا في تدخلها بالانتخابات الأمريكية، والخلاصة هي أنه لا يوجد في الأفق ما يشير إلى رغبة في التوقف عن ملاحقة ترمب، فهناك إصرار عجيب على عرقلة عمله والتشويش عليه، ولكنه نرجسي عنيد، وماض في عمله، ويرد لخصومه الصاع صاعين ولا يبالي!.