مها محمد الشريف
يقودنا الحديث عن طرق وأساليب إيران والمفاهيم المتقاربة بينها وبين الأنظمة الديكتاتورية التي تفرض سطوة الماضي على الحاضر والمستقبل وتعيد لعبة الحرب في كل الأزمنة، وترى الأفق البعيد من منظور طائفي وعسكري له مبرراته وأبعاده عند النظام الحاكم المسئول الأول عن حالة التراجع الاقتصادي إلى مرحلة الضجر ورتابة الشعور وثورة الجياع.
ومن هذا المنعطف أعلن الشعب العصيان وعبر عن امتعاضه من صبر السنين السابقة ومناهضة الاضطهاد والمواقف الثورية والتحريض على الكراهية، لذا، فإننا لا نغالي إذا قلنا بأن الشعب رفع شعار النزعة الإنسانية والمطالبة بالحقوق المشروعة، وذلك في تظاهرة للمعارضة الإيرانية في لندن ضد ممارسات طهران.
وعليه يمكن القول بأن تدهور الاقتصاد حصل قبل وقت طويل، وجاء ذلك بأمر بنك كاسبيان في إيران بمنع سحب الودائع، وبعدها توقف عن دفع الفائدة، من هذا الإعلان في مايو، أغلق أبوابه، ليصبح واحدا من المؤسسات المالية الإيرانية التي كشفت عن فساد خطير، ومحاولة لطمس الحقائق وصناعة أحداث جديدة لحبس الواقع بحريته والسيطرة الكاملة عليه.
ومن ثمة، أدى الإغلاق إلى تقويض حسابات آلاف الإيرانيين، كما عرض النظام المصرفي للخطر، مما يدل على سلطة غير حيوية وغير انضباطية ساهمت في إشعال الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اجتاحت البلاد في أواخر العام الماضي.
غني عن التوضيح إذن أن الشعب الإيراني في كل مكان من العالم يدين النظام السياسي بصرف الأموال على تمويل الإرهاب في العراق ولبنان وليبيا واليمن والعمليات الإرهابية والتدخل الدموي السافر لأذرع إيران العسكرية في سوريا ومساهمتها في قتل الشعب السوري.
فإذن، هناك علاقة تلازم بين الفساد والإرهاب في الحضور الإيراني، فحيثما حل نظام طهران حل معه الإرهاب المغذي للصراعات في المنطقة، كل هذه الأحداث والمشكلات التي عايشها الشعب الإيراني أثرت في حياته ونضاله السياسي من أجل البقاء، بحيث تحول من مظاهر الإذلال والمنع إلى انفجار من الانتفاضات ضد سلطة تمارس القتل لكل أمر يتعلق بتحسين الحياة، مما يولد الفساد في جميع القطاعات، بمعنى أن الدولة تخلت عن مهامها الاقتصادية وقطاع المصارف الإيرانية كشف عن ذلك وعن عدد المشاركين في الاحتجاجات الإيرانية الأخيرة، وأثبت عن فساد مستشر في المصارف الإيرانية، إثر المحسوبيات وعمليات الاحتيال. وأكد صندوق النقد الدولي، ضرورة أن تجري المصارف في إيران، إعادة هيكلة.
وأيا كان الأمر، فإن الأعباء على الاقتصاد المنهوب كثيرة أهمها التغلغل في الشؤون الداخلية للدول العربية والخليجية، وإنفاق الأموال الطائلة على هذه التدخلات وتمويل المليشيات في كل مكان وحرمان المواطن الإيراني من حقوقه المشروعة، أضف إلى ذلك استمرارالنظام الإيراني الذي لا يزال يواصل تهريب الصواريخ للميليشيات الحوثية في اليمن، مما يشكل تهديدا لسلامة وأمن المنطقة، والأمن والسلم الدوليين، وهدر للمال العام في صناعة الإرهاب.