ثامر بن قاسم القاسم
يبذل المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل جهوداً مشكورة؛ تتمثل في عدد من المبادرات والتعاميم والقرارات المنشورة التي يُقصد بها التضييق على قنوات تدفق القضايا غير المنتجة على المحاكم، والتي ساهمت خلال فترة سابقة في تراجع مؤشر تدفق القضايا على محاكم الدرجة الأولى، ومن ذلك: إحداث لجنة الإسناد القضائي، وإعادة تشكيل وتخصيص بعض الدوائر في المحاكم، وتفعيل بعض الأمور الإجرائية المتعلقة بقيد الدعاوى، وإحالاتها للدوائر المختصة، والتوجيه بالاختصاص النوعي، وسرعة البت فيه حال تبين عدم اختصاص المحكمة المقيد الدعوى بها، وغير ذلك من المبادرات العدلية التي تحقق في غايتها مفهوم «القضاء الناجز».
ومن القنوات التي ينفذ منها تدفق القضايا بشكل كبير، والتي لو تم التضييق على مجراها بالمقتضى الشرعي والنظامي؛ سيساهم في الحد من تدفق القضايا، وهي: وجوب تحقق الدائرة القضائية من تحرير دعوى المدعي تحريراً قضائياً، ووجاهة توجه الدعوى ضد المدعى عليه، قبل تحديد موعد للقضية، وتبليغ المدعى عليه.
وهذا الإجراء قد ورد بنحوه في المادة السادسة والستين من «نظام المرافعات الشرعية»، والتي نصت على:» أن يسأل القاضي المدعي عما هو لازم لتحرير دعواه قبل استجواب المدعى عليه، وليس له السير فيها قبل ذلك، وإذا عجز المدعي عن تحريرها أو امتنع عن ذلك؛ فيحكم القاضي بصرف النظر عن الدعوى».
فالمعمول به إجرائياً في غالب المحاكم - من خلال الممارسة الشخصية- أنه يتم تحديد موعد للقضية من الدائرة القضائية المختصة، ويبدأ المدعي بطلب البدء في إجراءات تبليغ المدعى عليه بموعد القضية، بل قد يطلب من الدائرة القضائية إيقاف الخدمات عن المدعى عليه أو الإعلان عنه في الصحف بحجة عدم معرفة عنوانه -وقد يتم ذلك في بعض الحالات- وفي حال حضور المدعى عليه، قد يتضح للدائرة القضائية أن الدعوى غير محررة تحريراً قضائياً، فتطلب من المدعي - بعد كل تلك الإجراءات، وفي بعض الأحيان بعد عقد جلسات قضائية- أن يُحرر دعواه!
فالمأمول من مقام المجلس والوزارة أن يُنظر في تفعيل المادة السادسة والستين من النظام، وتعديلها ليكون طلب تحرير من المدعي «قبل تبليغ المدعى عليه»؛ وذلك بناءً على لائحة دعوى المدعي المقدمة عند تقييد الدعوى، لأنه قد يُفهم من مصطلح «الاستجواب» الوارد في منصوص المادة أنه بعد الحضور، فإن هذا التفعيل والتعديل سيساهم في الحد من تدفق القضايا الكيدية والصورية وغير المنتجة.