م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. الوظيفة الحلم هي التي تحقق جودة محتوى الحياة التي نحبها.. أي أن نحب ما نعمل.. وأن يكون العمل في الأوقات المناسبة والأجواء المريحة لنا.. مع مرونة في ساعات العمل.. والاستقلالية في القرار.. دون محاسبة أو مساءلة.. في بيئة عملية اجتماعية مرحبة يسودها الود والألفة.. مع فريق عمل متعاون.. بمخرجات عمل ممتازة.. ومميزات ومكافآت مستمرة.. وأمان وظيفي.. والسؤال الآن هو: هل يوجد بالفعل وظيفة يمكن أن نطلق عليها «وظيفة الأحلام»؟.. وأين يمكن أن تجد هذه الوظيفة؟
2. الحقيقة أن وظيفة الأحلام ليست وظيفة دائمة.. بل هي وظيفة تُعَبِّر عن حلمك في مرحلة معينة من عمرك تحديداً.. فأنت ستتغيّر حتماً مع تغيّر شخصيتك نتيجة تقدّمك في السن وتراكم تجاربك في الحياة واتساع معارفك.. إذاً لا وجود لما يُسمى وظيفة أحلام دائمة.. من هنا وفي لحظة ما سوف تشعر أنك يجب أن تغادر الساحة التي أحببتها بحثاً عن ساحة تحبها أكثر.. حتى ولو كان المردود المادي لا يزال مجزياً في تلك الساحة.. فليس من المنطق أن تظل فيها إلى أن تخسر حتى تغادرها!
3. لم يعد هناك اليوم ما يمكن أن نسميه أمناً وظيفياً بما في ذلك الوظائف الحكومية.. ففي ظل تزايد التنافسية صار الاتجاه العام هو استقطاب الكفاءات المطلوبة.. وما دون ذلك فلا أمان ولا استقرار وظيفياً لها.. وحتى تلك الكفاءات أيضاً باتت لا تأمن أوضاع السوق أو تقلبات المنطقة التي جعلت من الاستقرار الوظيفي أمراً نادراً في وقتنا المعاصر.. وهذا يعني أن كل شخص صار مسؤولاً عن مسيرته المهنية.. وهذا حرك معنى الوظيفة في الفهم العام من أنها العمل للغير إلى العمل لنفسك.. فالأمان الوظيفي هو أن تكون الموظف الذي لا يمكن الاستغناء عنه.. هنا فقط يمكن أن تحس بالأمان الوظيفي.
4. ختاماً تقول التجارب: حينما تبدأ سنتك الأولى في العمل - أي عمل - يجب أن يكون هدفك منصباً على تحصيل المعرفة والتجربة وتلمّس الطريق لما تحب أن تعمل.. أما المال أو قيمة الراتب فيجب أن تكون في أدنى أولوياتنا لتحديد وظيفة أحلامنا وليس في أعلاها..
لا شك أنك لن تحب عملك إذا لم يُؤَمِّن لك الدخل الذي يفي بمسؤولياتك المادية.. لكن إذا كان الدخل يسد احتياجاتك.. ووجدت أن وظيفتك تشبع رغباتك وتضيف إلى سيرتك المهنية.. هنا لا بد أن تتنازل عن المال مقابل الخبرات والمعارف والتجارب.