سمر المقرن
عادت ذاكرتي إلى ما كتبته هنا في هذه الزاوية قبل عامين عن «أسعار المحاميين»، تذكرّت المقال وأنا أقرأ يوم أمس الأول القرار الصادر عن معالي وزير العدل الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، مفاده السماح للمحاميين الخليجيين بمزاولة المهنة لدينا. لهذا القرار أبعاد كثيرة، من أهمها حسب توقعاتي فتح المجال لإيجاد خيارات أوسع من شأنها أن تكسر المبالغ الفلكية التي يتقاضاها -بعض- المحاميين السعوديين. ومن هنا أرى أنه تأخرنا كثيراً لإيجاد تسعيرة للمحاميين حتى نبتعد عن المتاجرة بقضايا الناس وأوجاعها، فما أسمعه من أسعار فلكية وصلت إلى منهج جنوني في تعامل بعض المحاميين مع الناس، هذا ما يفرض في هذه المرحلة القائمة على التنظيم في جميع المناحي أن يكون هناك تنظيماً كذلك في أجرة وأتعاب المحامي وألا تُترك للعشوائية والمتاجرة!
لا أظن أن تنفيذ الفكرة صعباً أو مستحيل، إذا ما تم وضع جدول يتضمن كافة أنواع القضايا، ويرفق بها أسعار أتعاب كل قضية، أضف إلى ذلك تحديد تسعيرة الاستشارات القانونية، حيث إن هناك من المحاميين يحدد تسعيرة الاستشارة بالساعة ويتقاضى عليها مبلغ حسب ما سمعت قد يصل إلى 5000 ريال، وهذا ضرب من الجنون والتجارة غير الشريفة، التي من المهم وضع حد لها وإيقاف هذه التصرفات اللاأخلاقية!
وحتى لا يتساوى المحامي صاحب الخبرة بغيره، لا يمنع أن يتضمن جدول الأسعار سنوات الخبرة، شرط أن يكون هناك ما يضمن أن يتعامل المحامي صاحب الخبرة نفسه مع القضية، لأنه في كثير من المكاتب نجد أنها تضع المحامي صاحب الخبرة في الواجهة لكن من يعمل على القضية يكون محامي أقل خبرة وأحياناً من المتدربين، مهم هنا أن يجد صاحب القضية الخدمة التي يحتاجها بما يحفظ عدم التلاعب بمثل هذه التفاصيل الهامة.
من الضروري اليوم أن يكون لدينا إطار عام لتنظيم مهنة المحاماة، وكذلك تخصيص المهنة لخريجي الكليات الحقوقية حتى لا يزاحمهم خريجو الشريعة لتكون معايير مزاولة المهنة أكثر وضوحاً، خصوصاً وأننا الآن نعيش مرحلة تقنين الأحكام الشرعية، فهذا بحد ذاته كفيل بإعادة المهنة للمتخصصين فقط، كذلك إبعاد المتسلقين على مهنة المحاماة من غير المتخصصين لا بالشريعة ولا بالحقوق، فهناك من يذهب ويقوم بدور المحامي وهذا بحد ذاته غلط وتشويه للمهنة.
كثيرة هي التنظيمات بهذا الخصوص، وأظن أننا الآن نحتاجها بشكل عاجل.