فوزية الجار الله
لأكثر من مرة حين يحين موعد الكتابة أجد نفسي أمام فكرة ما، أجدها مؤلمة بما تحمله من صور مريرة، وربما غير مألوفة..
أطوف حولها، أناور وأنازل في سبيل تبنيها لكن شجاعتي تخونني، أجدني وقد استغرقت في فيض هائل من الحزن والألم..
وعندها أغض الطرف وأشد نفسي بعيداً عنها، محدثة نفسي إذا كان هذا هو شعوري فما هو حال القارئ؟!
في هذه المرة قررت الدخول إليها من باب الإحساس بالإله العظيم رب هذا الكون الذي يغمر قلوبنا وأرواحنا الإيمان به والتسليم بقضائه..
قرأت مؤخراً بأن ثمة عيادات للانتحار في سويسرا تلك الدولة المتقدمة التي يضرب فيها المثل بالتفوق الاقتصادي والاجتماعي، وأيضاً بدقة النظام والعدالة في تطبيق القانون.. هذه البلاد المتحضرة تتضمن عيادات للانتحار يرتادها المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة أو أمراض غير مزمنة لكنها تسبب لهم معاناة وألمًا، لا يرجى شفاؤها وليس ثمة علاج لها.
القانون في سويسرا أصبح يتيح لهم زيارة هذه العيادة لمساعدتهم لوضع حد لهذه المعاناة وذلك الألم بقتل أنفسهم حيث يقدمون لهم عقاراً يساعدهم على موت هادئ بلا معاناة..
أتابع مثل هذه الأحداث فأرفع رأسي إلى السماء وأردد كلمة الحمد والشكر كثيراً لله سبحانه على نعمة الإسلام التي جعلت لنا من الصبر قيمة عظيمة تساعدنا على تحمل أشد المآسي والمصائب والأزمات في هذه الحياة التي لا تصفو لأحد، ولم يسلم أحد من شيء أو ربما كم هائل من مرارتها.
(يُنسب مصطلح القتل الرحيم أو القتل بدافع الرحمة إلى القس، الفيلسوف الإنجليزي روجيه بيكون الذي عاش في القرن الثالث عشر الميلادي والذي كان يقول على الأطباء أن يعملوا على إعادة الصحة إلى المرضى وتخفيف آلامهم ولكن إذا وجدوا أن شفاءهم لا أمل فيه فيجب عليهم أن يهيئوا لهم موتاً هادئاً وسهلاً..) وردت هذه المعلومة في دراسة تأصيلية مقارنة لأحد طلبة الدراسات العليا/ عمر السعدون في جامعة نايف الأمنية/ عام 2009م..
ويتابع الباحث حديثه قائلاً بأنه لكلام الفيلسوف/ أعلاه أقوال وأصول سابقة حيث كان العرب قبل الإسلام يقتلون بناتهم بوأدهن ليس من باب الكراهية وإنما خشية الفقر أو العار، وبعد ظهور الإسلام كان ذلك محرماً {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} (151) سورة الأنعام - لقانون القتل الرحيم خلفيات فلسفية وتاريخية متعددة وقد مر بعدة تطورات في مناطق مختلفة من العالم.. وفي عصرنا الحالي أصبح متاحاً في بعض الدول الأوروبية منها سويسرا كما ذكرت سابقاً، لكننا نحن المسلمون نرفضه تماماً ما دمنا مؤمنون بالله وبقضائه وقدره، وليس أجمل ولا أكثر رحمة من إلهنا في أعلى سمواته، فاللهم اغمرنا وأفض علينا بنعيم رحمتك ليس لنا سواك.