إبراهيم عبدالله العمار
عندما تطرح شركة أحد منتجاتها في الأسواق فهي تطمح أن ينجح، ولا أدلَّ على نجاح المنتج من أن يكون اسمه على كل لسان، ففي التسعينات مثلاً كان من أشهر المنتجات «تاماغوتشي» وهي تلك الأجهزة الصغيرة التي تحوي رسومات مبسطة لكائنات تقوم برعاياتها، واكتسحت العالم قبل أن تنحسر. أثناء فترة الاشتعال تلك كانت شركة بانداي طربة لهذا النجاح، غير أن الطريف أن النجاح الساحق أحياناً يتحول إلى نقمة، وهو عندما يتحول الاسم التجاري إلى اسم عمومي، ومن ذلك استخدام بعض الناس لكلمة كلـ.... عندما يقصد منديلاً (أي نوع من المناديل وليس ذاك بالضرورة)، ولكن من شدة ارتباط المنتج بالاسم صار الناس لا يستخدمون إلا هذا الاسم، وهذا سيئ للشركة المنتجة، فإذا وصل الانتشار إلى حد معين تفقد الشركة حقوق الملكية في بعض الحالات، فليس كل ارتباط شيء طيب، ولهذا وجه آخر يمكنك أن تسأل عنه عائلة غيلوتين المسكينة!
لما اشتعلت الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر انتشر سفك الدماء، وأكثرَ الثوار من القتل، فنادى أحد الثوار باسم جوزيف غيلوتين – وهو طبيب أيضاً – بأن يحقن الثوار الدماء ولا يسرفوا في القتل، وشرح هذا الرجل لرفاقه الثوار بعض طرق القتل البشعة في الماضي ونادى بأن يكون القتل رحيماً على الأقل، وكانت فكرته العامة أن يكون هناك جهاز ينزل بحديدة كبيرة حادة تطيح برأس المحكوم عليه بلا ألم ولا تعذيب. أعجبت فكرته الناس، ورغم أن الدكتور غيلوتين لم يخترع ذاك الجهاز بل لم يصممه إلا أن اسمه ارتبط به، وأتى رجل آخر صمم الجهاز وصنعه، ألا وهي المقصلة، ولم يكف هذا أن يزيح اسم د. غيلوتين من ارتباط اسمه بالمقصلة، رغم أنه أصلاً يعارض عقوبة القتل، وأخذ الثوار يطيحون برؤوس أعدائهم حتى قتلوا بالمقصلة 14 ألف إنسان، واسم المقصلة هو نفس اسم ذلك الرجل: جهاز غيلوتين.
بعد وفاته غيّر أبناؤه اسمهم بعد أن رسخ الارتباط التام بين اسم عائلتهم وبين المذابح والدماء المسفوكة التي حصلت أثناء الثورة الفرنسية، رغم أن اسم عائلتهم كان شيئاً يفتخرون به قبل ذلك الارتباط المشؤوم.