عبده الأسمري
الفساد نتاج الخذلان ونتيجة التقاعس وحصيلة الجهل وعندما يظهر الفساد فلا بد من منظومة رقابية ونظام وطني وتنظيم إجرائي تؤسس من خلالها القوانين وتؤطر بواسطتها المكافحة الحقيقية المعنية بالقضاء على هذا الجرم ومحاسبة المتورطين فيه.
عندما نتحدث عن الفساد فنحن أمام «تخطيط خفي» و»خلايا نائمة» تشكل لوحته المشوهة وصورته القاتمة ووجهه البائس.
للفساد أعماق وجذور أعظم خطرا من المكتشف وأشد شراسة من المعلن هنالك مفسدة تؤول إلى نهش الخيرات واقتصاص الحقوق وهزم المنطق بعدة طرائق فتكون الضحايا ثلاثة وهي «المال العام» و»المواطن» و»التنمية».. أما الجلادون فهم «شلل السوء» و»زبانية الرشاوي» و»سدنة الباطل».
يوجد فاسدون خائفون منذ تلك الليلة الشهيرة التي انطلقت فيها من الرياض منهجية العدل لتساوي الأمير بالمواطن وتعادل بين الوزير والموظف ولا يزالون مختبئون يراجعون ذاكرة «الاستغلال» وذكرى «النهب» وتفاصيل» الغنى السريع».
بعض الفاسدين قد يحمل أمتعته بمجرد التحقيق مع صديق له أو حين سماع استدعاء رفيق شلة أو مرافق غلة لأن الفاسدين لا منهاج لهم ولا ضمير بينهم سوى السرية والاتفاق على استغلال النفوذ وقسمة «الأموال» وتقاسم «الهبات».
هنالك فاسدون من بيننا سافروا حاملين بطاقات المصارف الخارجية بعد أن حولوا المال المسروق إلى دول أخرى وانتهوا من مرحلة كانوا فيها عتاولة الفساد محليا ولكنهم قرروا وضع الخطط الاستباقية لأي حملة تطهير قد تحدث فهم مختبئون في الخارج يعيشون من خيرات الوطن بعد أن باعوا ضمائرهم وصادروا أمانتهم.
بعض الفاسدين عمل احتياطاته ولا يزال منذ الليلة البيضاء التي سلطت وميضها على سوءات الفساد وهم يعملون ليلا ونهارا لإخفاء معالم فسادهم وجمع شللهم منعا لخروج العائدين إلى صوابهم باعتراف مفاجئ قد يكشفهم أنهم يختبئون خلف ستار «التخطيط».
هنالك وظائف عائلية ..ومناصب أسرية .. وصلاحيات عشائرية ..ظلت زمنا ولا تزال تمارس الفساد بلغة «الواسطة المقيتة» وسطوة «التركة السائبة».
بيننا فساد خفي وفاسدون مختبئون خلف «الاحتيال» ووراء «التمويه».
بيننا فاسدون يراقبون التحقيقات ويرتقبون النتائج .. وآخرون يجهزون للاحتيال ويتجهزون للرحيل.
بيننا فاسدون في قطاعات لم تصلها الرقابة وفي جهات تسير بنظام «الحرس القديم».
بيننا فاسدون مختبئون بين ظهرانينا يمتلكون العقارات ويتملكون الأرصدة بأضعاف مضاعفة من رواتبهم الشهرية.. فمن أين لهم ذلك!!؟
اللجنة ماضية إلى توظيف منهج ولي العهد بأنه لن ينجو أحد.. ولكن اللجنة تحتاج إلى عون وطني للإبلاغ عن الفساد الذي يعد «ورما خبيثا» يسري في جسد الوطن.
الفساد يتم في الخفاء وعندما تعلن ملاحقته فإن الاختباء يكون أكثر وسيلة للهرب من الانكشاف.. ولكن الرسالة المعلنة.. هل سنرى فاسدون يسلمون أنفسهم؟.. وهل ستنكشف الحيل التي تمارس خفية لإسقاط مؤامرة الفاسدين التي عقبت الضبط الأخير؟..وهل سنرى الوجه الوطني المشرف الذي سيكون فيه المواطن رجل نيابة وبطل ضبط وعقل إبلاغ..