رجاء العتيبي
أظننا يمكن أن نتفوق على أنفسنا ونتفرغ للعمل والإنجاز وحل مشكلاتنا، يحدث ذلك طالما تخلينا عن الصراعات والنقد الموجه والتحزب والاحتراب ومراقبة الآخرين، ويتأكد ذلك أكثر إذا وصلنا إلى مرحلة ينشغل فيها كل فرد بنفسه، وكل عائلة بشأنها الداخلي وكل جماعة مدنية بمنجزها.
ما الذي يرغم بعضهم على الاحتجاج على الأسرة التي تذهب لملعب كرة القدم، ما الذي يرغمهم على الاعتراض على من تقود السيارة، ما الذي يجعلهم في حالة نفسية سيئة عندما يرون برامج الترفيه هنا وهناك؟
إذا كانت المسألة من منطلق ديني، فأظن أن هناك علماء ثقات يعرفون ما لا يعرفه الغاضبون باستمرار من كل قرار جديد، وإذا كانت المسألة خوفا على الوطن، فكلنا حكومة وشعبا نعمل لحمايته، وإذا كانت المسألة توجهات (أيدلوجية) فإن الأنظمة تقابلها بالحزم والعزم.
أما إذا كانت المسألة (تأجيج) الرأي العام من أيد خفية داخلية وخارجية، فإن هذا الأمر محل يقظتنا، والجهات المسؤولة عسكرية ومدنية لها بالمرصاد، ومهما انساق وراءها نفر من أبناء الوطن عن جهل أوعن عمد فإن الأثر لن يتعدى محله، فلسنا بتلك الدولة الهشة ولا المتراخية ولا الضعيفة.
أما إذا كنت قد فقدت دورك في حراك الدولة الجديد، فلا ضير أن تترجل، ليس من الضرورة أن تكون لاعبا في كل نقلة نوعية للوطن، فلكل زمان قادة ومؤثرون، أشعل شمعة للجيل الجديد، بدلا من أن (تحتج) على المنجزات، حتى لو لم تقابل توجهاتك، شجع الآخرين ولا تعترض لمجرد أنك لست مع الفريق.
تأكد أنك لست وحدك في هذا العالم، إذا اعترضت على أي قرار ما، فتأكد أن هناك من يقبله من أفراد أسرتك، أو أقاربك، وربما زوجتك، لأن القرار ليس خطأ برمته، وإنما هناك أبعاد إيجابية تخدم النمو الاقتصادي، وترفع من مستوى دخل الفرد، وتعزز موقع الدولة دولياً.
انظر إلى المربع من جميع جهاته، لا تقف عند أحدها محترقا، تعيد ما يقوله (الواتس أب)، فما تروجه الخلايا الإلكترونية المعادية لا يصب في مصلحتك، تخندق مع الوطن، وانظر إلى أبطال الحد الجنوبي جعلوك تنام قرير العين، واترك عنك القيل والقال وترديد الشائعات.
ليس من المنطق أن تجعل كل أسرة سعودية تعيش كما تعيش أنت فلكل أسرة ثقافتها ومنطلقاتها وحيثياتها، وليس بالضرورة أن تكون أنت مصدر القرارات المصيرية، فالسياسة العليا للدولة لها قادتها، فطالما نسير من خلال رؤية موحدة فلا مجال للجدل العقيم، ولا مجال لأن تميل كل الميل مع جماعة ضد أخرى.