رقية سليمان الهويريني
عُرِف عن العرب قديماً عدمُ حبهم للشتاء وإطلاقهم عبارات تشير لمشاعرهم السلبية نحوه، حيث يقول ساجعهم: (إِذَا طَلَعت الشَّوْلَة اشْتَدَّت عَلَى الْعِيالِ الْعَوْلَة، وقِيلَ: شَتْوَةٌ زَوْلَة)، والشولة أحد منازل القمر يشتد فيها البرد، وهنا دلالة على أن دخول الشتاء يثقل على رب الأسرة النفقة لكثرة الأكل وطلب الدفء؛ ولكنهم يتفاءلون بزواله.
بينما تعشق بعض الحيوانات الشتاء وتعيش فيه بياتاً شتوياً؛ تحتمي في جحورها الدافئة وتتناول ما جمعته خلال الصيف، كما أن بعض النباتات تحمي بذورها داخل أغلفة صلبة لوقايتها من البرد وأجزاء من براعمها تكون مغلفة بالشمع لحفظها من الثلج.
والعجيب وجود حيوانات لا تستطيع العيش إلا بالجليد مثل الدب القطبي الذي أدرجته الولايات المتحدة ضمن لائحة الحيوانات المهدَّدة بالانقراض بعد الاحتباس الحراري الذي أدى لبدء ذوبان الجليد في القطب الشمالي، وبذلك حُرمت الدببة أيضاً من سبات الشتاء.
وترتبط ليالي الشتاء بالحميمية الأسرية والتقارب الاجتماعي، حيث يحلو للكثير الخروج للبر والسمر، وتبادل الزيارات بين الأقارب والأصدقاء. إلا أنها على جانب آخر يرافقها اضطراب في الحالة المزاجية لبعض الناس بما يُعرف بـ(اكتئاب الشتاء)! وقد ظهرت دراسة ميدانية في نيويورك بهذا الخصوص، فوجِد أن أكثر من ثلث البالغين و6 % من السكان يُعانون اضطراباً مزاجياً أثناء الشتاء، حيث تطول ساعات الليل ويرافقها الأرق.
ما يعكر علينا صفو الشتاء بجماله وأمطاره وبرودته، هو العواصف الترابية والغبار حين يشح المطر، عدا عن كثرة الأمراض كالإنفلونزا والسعال والالتهابات الرئوية.
ولكي نستمتع بشتاءٍ جميل لا تكدره الأمراض؛ ينبغي احترام خصوصيته، بالوقاية من التعرض للتيارات الهوائية وارتداء الملابس الدافئة وشرب السوائل الساخنة، والحذر من (شَبَّات حطب السمر والفحم) وعدم الاعتماد على وسائل التدفئة الحديثة بأنواعها لخطورتها وسلبيتها على الصحة؛ لأنها تلتهم ذرات الأكسجين السابحة بالجو، فيضيق الصدر وتلتصق الرئتان ويصعب التنفس، ويكون الشتاء كئيباً.