فهد بن جليد
حسناً فعلت الهيئة العامة للإحصاء عندما أراحتنا من حُمَّى السِّجال التي أصابت مواقع التواصل الاجتماعي، والأحاديث السرية والثنائية بين رواد المقاهي بعيداً عن تصنّت الزوجات، عندما تبرأت من النظرية التي أشغلت بال كثير من السعوديين عن نسب المُعدِّدين بأكثر من زوجة، وإلى أي المناطق تنتميان الأكثرية والأقلية منهم، وسط تعليقات ورسائل وتغريدات ساخرة وفكاهية أحياناً, بعد أن سارت الركبان بنسب وأعداد مُتداولة حول أكثر المناطق تعدُّداً في الأزواج وأقلها، تبعاً لتحليل بعض المواقع (للمسح الديموغرافي) الذي نشرته الهيئة والذي يُشير إلى عدد مرات الزواج التي تشمل الطلاق والترمُّل، و لم يُشير إلى مكان إقامة الزوجة، ولي هنا وقفتان.
أولاً: لنتفق على أنَّ المجتمع والأجهزة الحكومية على السواء، بحاجة للصحفي الفاعل والنشط والواقعي، من يقرأ ما بين السطور، ويحلِّل ويبحث ما وراء الأخبار والمعلومات، ليصنع القصة ويحرك المياه الراكدة، ويسلِّط الأضواء على تلك المساحات غير المرئية، حتى تكون واضحة للعيان، ويترك الحُكم للقارئ والمسؤول للتعليق بين القبول والرفض وحق الرَّد، شريطة أن يتم تناول الموضوع في الأصل بعيداً عن التجنِّي والفبرَّكة، لذا أعتقد أنَّ من قام بتحليل المسح الديموغرافي كان اجتهاده مشروعاً من حيث المبدأ، لأنَّه استند إلى نشرة رسمية من هيئة الإحصاء، وإن كانت النتيجة التي توصَّل إليها خاطئة وغير دقيقة.
ثانياً: طالما أنَّ الاجتهاد غير موفق بحسب الهيئة وأنَّ المعلومة التي نُشرت وتم تحليلها ولقيت هذا الصدى والانتشار والاهتمام من المُتلقي غير صحيحة، كون المسح الديموغرافي لا يعكس أعداد ونسب المناطق الأكثر تعدُّداً فأين هي المعلومة البديلة والدقيقة والصحيحة إذاً؟ التي لن تملكها جهة أخرى غير الهيئة نفسها، ولماذا على الأقل لم يكن هناك وعد من المتحدث الرسمي للهيئة بنشرها عند تكامل المعلومات والإحصاءات المطلوبة مُستقبلاً .
بكل تأكيد من حق هيئة الإحصاء ابتداءً عدم نشر مثل هذه المعلومة في حال كانت غير مهمة وغير مُستهدفه، ولكن برأيي طالما أنَّ الإعلام تناولها بتسليط الضوء عليها وأحدثت كل هذا السجال والتداول، باتت حقاً للمُتلقي، وخصوصاً أنَّ الهيئة دخلت على الخط وفنَّدت صحة ما نُشر، لقد ولىَّ الإحصاء والحساب على الطريقة القديمة للمُدرس في الفصل (ارفع يدك إن كنت مُعدِّداً).
وعلى دروب الخير نلتقي.