لبنى الخميس
خطاب أوبرا وينفري الأخير أثناء استلامها جائزة في حفل توزيع جوائز الغولدن غلوب لم يكن خطاباً عادياً بل مشهد استثنائي تقلبت مع كلماته مشاعر الحاضرين.. من حزن لفرح وفخر لغضب.. جعل كبرى الصحف في العالم تتحدث عنه بل ودفعت البعض لكي يتحدث بجدية عن احتمال ترشحها للرئاسة.. فوقفتها الواثقة.. وكلماتها الفصيحة.. وعنفوانها في الدفاع عن قضية حساسة مثل التحرش كان وقفة قائد حقيقي.. في مشهد ذكر الناس ببلاغة وتأثير رؤساء دول في منصات عالمية كبرى..
* أسباب جعلت خطابها مؤثرا
- طرح القضية في المكان والزمان المثالي
قبل ما يقارب شهر أعلنت مجلة التايم الأمريكية فوز حركة «مي تو» بشخصية العام لتسليطهم الضوء على قضية التحرش مما أكسب القضية زخما واعترافا عالميا رفيع.. وفي الفترة انتشرت أخبار بل فضائح تحرش نجوم سينما بنساء وأطفال بعد تحقيقات غطتها الصحافة بكل جرأة ووضوح.. وطرحها في حفل توزيع جائزة رفيعة وعريقة مثل الغولدن غلوب في قاعة تضج بنجوم الصف الأول كان خيارا جريئا ولكنه مؤثر لطرح رأيها بكل شغف تجاه الموضوع.
- أسلوب قصصي بامتياز
بدأت أوبرا خطابها باستحضار طفولتها وهي منتشية من السعادة والذهول وهي تشاهد تكريم أول ممثل أمريكي من أصول أفريقية بجائزة الأوسكار.. وكيف ساههمت هذه اللحظة بإلهامها لسنوات طويلة قادمة.. أسلوبها لم يكن سرد عناوين عامة بل مشبع بتفاصيل جعلت الحاضرين أو المستمعين لخطابها يعيشون تفاصيل الموقف، مثل حين قالت: دخلت والدتي من الباب بجسد منهك حتى النخاع وأنا جالسة على كنبات منزلنا الرخيصة على الأرضية المشمعة.. أو حين وصفت أول فائز أغمضت عينيها ووصفته بأنه أكثر الرجال أناقة.. كان يلبس ربطة بيضاء فريدة وغيرها من التفاصيل الجميلة والدقيقة.
- نبرة صوت متفاعلة مع قوة الكلمة
في بداية الخطاب.. وتحديداً أثناء سرد بداية القصة كانت نبرتها هادئة لشد انتباه الحضور وإعلامهم بأن القصة ذات مقدمة ومتن وخاتمة.. فاستعدوا.. أما حين بدأت تتحدث عن عزيمة النساء وانتصارهن على الظلم ارتفعت نبرة صوتها بشكل لافت ومؤثر.. إعلاناً للغضب وانتصاراً لنضال ضحايا التحرش.. مما أدى مفعول السحر على الحضور الذين تفاعلوا معها بالوقوف والتصفيق تأييداً لها وانضماماً لصوتها.. وسط عدسات الصحفيين التي اشتعلت محاولة توثيق ردود فعل الفنانين الحاضرين من دموع وأحضان.
- اختيار شعار ذكي وقابل للانتشار
استخدمت أوبرا في الجزء الأخير من الخطاب -وهو الجزء الأهم وفيه الخلاصة- كلمة بدأت تأخذ رواجاً وتمثل تكتلاً رافضاً لفعل التحرش وهي «كفي».. رددتها أوبرا ثلاثة مرات ما منح هذه الكلمة انتشاراً أكبرا وأعادت الأنظار لها كهاشتاق حاضر في تويتر يتفاعل معه الملايين.. وهذه لفتة ذكية يستخدمها الزعماء لمنح تأييدهم لحركة لها شعبية ورواج بين الشباب لتعطي رسائل قصيرة ذات معان عميقة في خطاباتهم.
- مدح الصحافة في أصعب أيامها
طبعاً ذكاء إضافي منها أنها مدحت الصحافة وقالت إنها تقدرها أكثر من أي وقت مضى لما تعانيه من تضييق اليوم من قبل الإدارة الأمريكية الحالية التي تصفها طوال الوقت بأنها مزيفة وكاذبة.. ما دفع الصحافة لنشر خطابها على نحو واسع على اعتبار أنه انتصار لها وإعادة لمكانتها المشهودة كسلطة رابعة لها هيبتها وحضورها في المجتمع الأمريكي ما جعل الآباء المؤسسين لأمريكا أن يحفظوا لها قدسيتها في الدستور الأمريكي.