عبد الرحمن بن محمد السدحان
السلام عليكم (وعليكنَّ) ورحمة الله وبركاته.. وبعد:
- فكرت في تكريس حديث اليوم لنشر نصّ هذه الرسالة لجيلنا الغالي، ذكوراً وإناثاً، وبالرغم من تواضع تجربتي الحياتية التي لا أحسب أنها تؤهلني لاعتلاء منبر الناصح لكم، إلاّ أن عفوية السؤال، وأهميته يسوّغان لي الرغبة الصادقة في التصدّي لغاية هذه الرسالة بكلمات أوجّهها إلى جيلنا الغالي وهو يقف على أعتاب الحياة، فأقول:
أولاً:
- لا (تستعجلوا) السعَي طمعاً في النجاح تمنيّاً، ولا (تستسهلوه) ارتجالاً، فما نيلُ المطالب بالتمنّي، ولكن تُؤخذ الدنيا غلاباً، هذا ما قاله شاعر حكيم قبل حين.. وهو قول صادق في كل حين.
**
ثانياً:
- الجامعةُ ليست كلًّ شيء.. يُدرُك به النجاح، وليست كلَّ شيء يسوق إلى النجاح، بل هي جزء من (معادلة حياتية) قد تؤدّي إلى نجاح.. وقد تنتهي بفشل، والتجربة الجامعية وسيلة، إنْ أحسَنتُم استثمارَها، أحسنتْ إليكم.. تحصيلاً وعملاً، وإن كان العكس، تجاهلتْكَم.. وأنكرتكم.
**
ثالثاً:
- احترموا آدابَ العمل وأخلاقياتِه، وفروضَه ونوافلَه، فالعمل النافع صراط تتحقّق به الذات.. وبه تسمو وتنمو!.. لا تَدَعوا (اللسان) يتحدث نيابة عنكم، تزكيةً أمام من يهمه أمرُكم، العملُ وحدُه هو القادرُ على ذلك!.. وهو (القول) الصادق.
**
رابعاً:
- لا تفتنوا أنفسكم بزينة الحياة الدنيا ونعيمِها المادي وتنصرفوا عن ثلاثة:
1) ربُّكم الله الذي أنعم عليكم بالحياة، ومكّنكم أن تتعلموا مالم تكونوا تعلمون.
2) ثمّ أمهاتُكم الّلائي حملنَكم وهْناً على وهن.. لا يرجين منكم جزاءً ولا شكوراً، سوى الحبّ والبر والدعاء.. ثم آباؤكم الذين بذلوا الجودَ والموجودَ، كيْ تبلغُوا من شأنكم ما بلغتم، وليسعدوا هم بذلك.
3) ثمّ وطنُكم الذي منَحكم هُويّةَ الأرض وكرامَة الأصل، وأريحيةَ الانتماء.. وسخَّر لكم مقوِّماتِ النموِّ.. لتبلغُوا من شأنكم ما أراده الله لكم من شأن.
**
خامساً:
- أما الذين يؤرقهم الحنينُ منكم إلى (الحرف الجميل)، فأقول لهم: الكتابة عشقٌ لا صنعة، وموهبةٌ لا بدعة، فمَنْ شاء منكم أن يكتبَ، فليفعلْ.. ولكن عليه أن يحاسبَ نفسَه، طرْحاً وأسلوباً، قبل أن يُحاسبَ.. وأن يحترمَ إحسَاسَ القارئ وذكاءَه .. إن كان يريد بقاءً لقلمه، وألاّ يستعجلَ النجاحَ.. أو يزايدَ على فطنه القارئ.. أو يراهنَ على رضاه.. لأن رضا القارئ الحصيف غاية لا تدرك، ولو حرص منكم مَنْ حرص، فالقارئ في النهاية، هو الخصم.. وهو الحكم.
**
- وفقكم الله.. وزادكم براً بوالدتكم.
وفي الختام..
- أقول لكل مَنْ في حماه شاب أو شابة، عوّد نشأك على القراءة منذ الصغر، أبحث عن كل وسيلة ممكنة تحفّزهم لها ولا تنفرهم منها، حتى إذا بلغوا سنَّ الجد والاجتهاد مع النفس، لم يجدُوا في القراءة (ضيفاً) ثقيلاً يملّه الذهنُ ويعافُه البصَر. عصرُنا الحاضر يا سادتي.. هو عصْر المعرفة بكل قنَواتِها وأدواتِها.. المقروء منها والمسموع، ومن لا يقرأ اليوم فقد لا يقرأ غداً ولا بعد حين.