في حياة الرِّجال, كل الرِّجال, قديماً وحديثاً مواقف, وفي سني عمرهم وقفات, بعضها ينمّ عن الشرف والشجاعة والذكاء, وبعضها يدل على السخافة وضعف النفس والبطالة, وبعض آخر فيه طرافة ولطافة, وفي جزء كبير منها نرى العجائب والغرائب.
وإليك أخي القارئ بعضاً من ذلك, من أجل أخذ العظة والعبرة, وصولاً للدروس المستفادة في حياتنا المعاصرة.
1- رجل تعرف على امرأة في الساعة الواحدة والنصف من أحد الأيام, ثم خطبها في الساعة الثالثة والنصف, ثم عقد قرانها في الساعة السابعة والنصف من اليوم نفسه, وبعد نصف ساعة اختلفا وذهب كل واحد إلى حال سبيله, وأتت المرأة إلى المحكمة تطلب الطلاق!.
2- ذمّ أعرابي رجلاً فقال: تسهر والله زوجته جوعاً إذا سهر شبعاً ثم لا يخاف مع ذلك عاجل عار ولا آجل نار, كالبهيمة أكلت ما جمعت, ونكحت ما وجدت!.
3- جاء رجلٌ إلى سليمان عليه السلام وقال: إن لي جيراناً يسرقون إوزي, ولا أعرف من هو من بينهم, فنادى سليمان عليه السلام: الصلاة جامعة, ثم خطب فيهم وقال في خطبته:
إن أحدكم ليسرق إوزّ جاره, ثم يدخل المسجد والريش على رأسه!! فمسح الرجل على رأسه, فقال سليمان عليه السلام: خذوه, فهو صاحبكم!!.
4- زعموا أن رجلاً بلغ في البخل غايته وصار إماماً, وأنه كان إذا صار في يده الدرهم خاطبه وناجاه وفدّاه, وكان مما يقول له: كم من أرض قد قطعت, وكم من كيس قد فارقت, وكم من حاملٍ رفعت ومن رفيع قد أخملت, لك عندي أن لا تعرى ولا تضحى, ثم يُلقيه في كيسه ويقول: اسكن على اسم الله في مكان لا تُهان ولا تذلّ ولا تزعج منه.
5- سئل أحدهم عن رجل, فقال: رزين المجلس نافذ الطعنة, فحسبوه سيداً!! فإذا هو خياط: طويل الجلوس, نافذ الإبرة!!.
6- قال رجل لامرأته: الحمد لله الذي رزقنا ولداً طيباً, فقالت: ما رُزق أحدٌ مثلما رزقنا, فدعياه, فجاء فقال له الأب: يا بني مَنْ حفر البحر؟ قال: موسى بن عمران, قال: مَنْ بلّطه؟ قال: محمد بن الحجاج!! فشقَّت المرأة جيبها ونشرت شعرها, وأقبلت تبكي!! فتعجب الأب وقال: ما لك؟ فقالت: لن يعيش ابني مع هذا الذكاء!! سيقتله ذكاؤه.
7- قال رجل ليحيى بن خالد: والله لأنت أحلم من الأحنف, وأحكم من معاوية, وأحزم من عبدالملك, وأعدل من عمر بن عبد العزيز!! فقال له يحيى: والله لعُمير غُلام الأحنف أحلم مني, ولسرحُون كاتب معاوية أحكم مني, ولأبو الزعيزعة صاحب شرطة عبدالملك أحزم مني, ولمزاحم قهرمان عمر بن عبدالعزيز أعدل مني. وما تقرّب إليّ من أعطاني فوق حقي.
فعجب من حضره من سرعة جوابه وتعديده لمن لا يعرفه, حتى كأنه قد أعدَّ الجواب!!.
8- أهدى رجل من الثقلاء إلى رجل من الظرفاء جملاً, ثم نزل عليه ضيفاً حتى ضاق به!!
فقال فيه:
يا مُبْرِماً أهدى جمل
خذ وانصرف ألفي جملْ
قال وما أوقارُها؟
قلت: زبيب وعسلْ
قال: ومن يقودها؟
قلت له: ألفا رجلْ
قال: ومن يسوقها؟
قلت: له ألفا بطلْ
قال: وما لباسها؟
قلت: سيوف وأسَلْ
قال: عبيدٌ لي إذن؟
قلت: نعم, ثم خولْ
قال: بهذا فاكتبوا
إذن عليكم لي سجلْ
قلت له: ألفي سَجلْ
فاضمن لنا أن ترتحَلْ
قال: وقد أضجرتكم؟
قلت: أجل ثم أجلْ
قال: وقد أبرمتكم؟
قلت له: الأمر جَللْ
قال: وقد أثقلتكم؟
قلت له: فوق الثِّقلْ
قال: فإني راحلٌ
قلت: العَجل ثم العجلْ
يا جبلاً من جبلٍ
في جبلٍ فوق جبلْ!!
9- ذمّ أعرابي رجلاً فقال: إن سأل ألحف, وإن سُئل سوّف, وإن حدّث حلف, وإذا وعد أخلف, وإذا صنع أتلف, وإذا طبخ أقرف, وإذا سامر نشّف, وإذا نام خوّف, وإذا همّ بالفعل الجميل توقف, ينظر نظر الحسود ويُعرض إعراض الحقود, بينما هو خلٌّ ودود، إذا هو خصم لدود، وضيفه جائع، وشرّه شائع، وسرّه ذائع، ولونه فاقع، وجفنه دامع، ودياره بلاقع، رديء المنظر، سيئ المخبر، يبخل إذا أيسر، ويهلع إذا أعسر، ويكذب إذا أجبر، إن عاهد غدر، وإن خاصم فجر، وإن حمل أوقر، وإن خوطب نفر!!.
10- كان لرجل امرأتان: إحداهما جميلة والأخرى دميمة، وكان يحب الدميمة، فقالت له الجميلة يوماً وهي تعاتبه: إنك لتحقرني وتؤثر فلانة، وإنها لكرياء رتياء، كرشاء، دقراء، وقصاء، زعراء، غوراء، رتقاء، سفعاء، خنساء، وتدعني وإنني لنفحاء، لفاء، حقباء, هيفاء، جيداء، فرعاء، بيضاء، وطفاء، قمراء، وعجاء، حوراء، عيناء، قنواء، شماء، رجاء!!.