يوسف المحيميد
لم يعد الإعلام يُحسب بالسنوات والعقود، وليست الخبرة بمضي السنوات وإنما بما تعلمنا إياه الأيام من مواقف نمر بها، فالزميل الإعلامي عبدالرحمن السماري الذي كان يومًا ما كاتبًا جماهيريًّا مرموقًا، قبل أن يتجاوزه الإعلام الجديد، وحتى القديم، أخطأ بحق فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، حينما وصف رجلاً على كرسيه المتحرك قابل بشكل عفوي رئيس نادي النصر، بالمتسول، وإن جاء يأخذ «المقسوم»، مما جعل الطفلة اسمها غلا الخالدي، ناشطة في مجال حقوق ذوي الإعاقة، تتصدى له، وهي لا تمتلك سلطة إعلامية وثقافية، لا تملك سوى صدقها، وعقلها الكبير، وكلماتها المعبرة الشفافة، حتى أصبحت أيقونة ورمزًا عن الفئة التي تمثلها، فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين هم جزء مهم وفاعل ومؤثر ومنتج في وطننا الحبيب.
هذه الطفلة الذكية، ابنة الإعلام الجديد، التي تدرك ما لها وما عليها، لم تقابل السماري بالمثل، وتهاجمه بطريقته، ولم تنتقص من مكانته أو عمره، بل عاتبته بكل وعي واحترام، حتى جعلت كل من شاهد مقطع الفيديو الذي حمل رسالتها، يشعر بالخجل، حتى وإن لم يكن له دخل فيما قاله السماري، وربما هذا الأمر، أو ربما غيره، جعل السماري يخرج للإعلام من جديد معتذرًا من المشجع، ومستعدًا لمقابلته وتقديم هدية عن إساءته.
علينا أن نتعلم، في مملكتنا الجديدة، حيث القوانين والأنظمة، والحقوق الشخصية، وضبط تعامل الناس مع بعضهم، كيف نضبط انفعالاتنا جيدًا حين نخرج على مختلف وسائل الإعلام، أن يكون كل منا مسؤولاً عما يقول، ليس في القنوات الفضائية فحسب، ولا في الصحافة التقليدية، وإنما حتى على مواقع التواصل الاجتماعي. علينا أن نحافظ على حقوق الآخرين، وأن نقاتل لأجلها، وأن نحمي خصوصياتهم، لا أن ننتهكها، فلم يعد متاحاً كالسابق أن يتجرأ أحدنا على تصوير الآخرين بدون علمهم، وبثها ببساطة على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الجميع الآن تحت طائلة القانون، ويمكن أن يعرض الشخص للمحاكمة والعقوبة بالسجن أو الغرامة، أو بهما معًا.