د. خيرية السقاف
ما أخطأ الحكيم الذي قال: «فليقل خيرًا أو ليصمت»..
وهذا الحكيم هو الذي لا ينطق عن الهوى، الأمي الذي علمه ربه, ورباه في كنف نوره، وسوية هداه, فمكنه من الحجة, وأبلج نطقه, وأبلغ قوله مدى العمق, وبعد الدلالة, ووضوح الغاية, وصفوة الهدف..
فمن يقل خيرًا أو ليصمت، إنما هو من ثلة الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر, هؤلاء لا يؤذون الجار, ويكرمون الضيف, ويقولون خيرًا, أو يصمتون ..
هذه دعائم المسلك القويم، لمحاسن الخلق الذي جمعها في حديثه الشريف بنصه:
عن أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) أخرجه البخاري ومسلم...
إن الحاجة في الوقت الراهن ماسة للعودة للمعين الذي لا ينضب من هديه عليه الصلاة والسلام, تحديدا في ضوء عدم التقيد بقِوامات هذه المسالك النبيلة بين الناس, فقد تمادت الأذية حتى بلغت عصب المجتمعات فبالغت في استخدامها سبيلا للطعن في جيرتها دول, ومسؤولين, وقادة ممن هم على قمة المسؤولية ونهجت نهجهم شعوبهم ولا أدل على ذلك من هذا الجيش الإلكتروني الوهمي الذي سلطته إيران وقطر وحلفائهما لأذيتنا فغرر بوهمهم جاهلون, وصدقهم غِرٌ هامشيون, وجاء كرمهم الحاتمي للمغرر بهم ليكون وسيلة لانتهاك سلام المجتمع, وبث روح الفتنة بين أفراده, وما صمت الأشراء, ولم يقولوا خيرًا..
هذا على مستوى السعة في تطبيق النصح المحمدي في مسالك من كان يؤمن بالله واليوم الآخر, إضافة إلى عدم تطبيقه في حياة الأفراد بشكل عام..
إن التذكير بربط رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوك المرء بإيمانه, لهو لإيقاظ لغفلة الغافلين, من أولئك المنجرفين مع تيارات الإيذاء لبعضهم, أو فيما يمس كيانهم الأكبر مجتمعهم, الذي هو جزء من وطنهم, بل هناك من يفعل بقصد, أو عن جهل بمس الوطن إيذاء بقول, أو تعقيبا لفكرة, أو اتباعا لوهميين, أو التقاط مشاهد فردية, وتعميمها, بالنشر, واللوك, والتعقيب, وهي لا علاقة لها بمؤسسات المجتمع, ولا بمسؤوليه..
في الخلاصة: إن إيمان المرء لا يتم دون اتباع هدي نبيه عليه الصلاة والسلام, فقولوا خيرا, أو لتصمتوا خيرا لكم في الدنيا, وفي الآخرة
وإن أكرمتم أحدا فأولى بالكرم وطنكم, وإن أحسنتم فلأنفسكم..
هو ذا الإحسان وربي في أتم مراتبه, وأعمق يقينه.