«الجزيرة» - وهيب الوهيبي:
أكد نائب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السديري، أن التعايش المجتمعي ركيزة أساسية لاستقرار الوطن وازدهاره ونمائه.
وشدد الدكتور السديري في المحاضرة التي ألقاها بعنوان «دور العلماء والدعاة في تعزيز التعايش المجتمعي»، في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض، بحضور سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء، شدد على دور العلماء والدعاة في تحقيق وتعزيز هذا التعايش.
وأكد أهمية موضوع تعزيز التعايش المجتمعي، لاسيما في هذا الوقت الذي أصبح واقعًا لا بد منه، وقال: إن الشريعة الإلهية جاءت بتشريع الأوامر التي تحمي أمن الوطن، وتنهى عن كل سبب يؤدي إلى اضطرابه واختلاله.. وحديثنا اليوم تقع أهميته لكونه يناقش موضوعًا من الموضوعات المهمة التي تتعلق بأمن الناس وحياتهم، ومدى حاجتهم إلى التعايش الذي يحقق لهم مصالح الحياة، ويجنبهم مفاسد التصعيد الطائفي، ومفاسد التعصب بكافة أشكاله.. مشدداً على أن الحديث في هذا الموضوع في هذا الوقت خاصة مطلب ملح لمجموعة من الأسباب.
وأضاف يقول: إن من الأسباب أن العلماء هم ورثة الأنبياء، والدعاة يقومون بوظيفة رسل الله ــ عليهم الصلاة والسلام ــ في إبلاغ دين الله ورسالة التوحيد، ولا يخفى مكانة العلماء والدعاة في المجتمع ومدى تأثيرهم في توجيهه، السبب الثاني بيان العلاقة مع المخالف، حيث ظهر بين الناس طرفا الأمور في تلك العلاقة، إما الإفراط أو التفريط، وبيان سماحة الإسلام ورحمته في تشريعاته، وإرادته الخير للناس بتشريع الأحكام التي تكفل السلامة والاستقرار للمجتمع، الثالث وجود الاختلاف في المذهب والطائفة في غالب بلاد المسلمين اليوم، وبالتالي فهم محتاجون إلى معرفة أحكام التعايش معهم، وضوابطه وشروطه وعلاقة ذلك بالولاء والبراء، والتعامل مع أهل البدع، مما يحتم بيان أحكام التعايش بدلالة الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
وواصل معاليه قائلاً: الرابع هناك بعض العمومية في أحكام العلاقة مع المخالف، وربما صورها البعض ببعض المواقف الانفعالية غير المؤصلة شرعاً، لذا كان من الضروري بيان دور العلماء والدعاة في تعزيز التعايش المجتمعي، الخامس استخدام البعض لألفاظ ذات دلالات فضفاضة تخلط الأمور وتمزج المفاهيم مزجاً مخالفاً لما دل عليه الكتاب، ودلت عليه السنة، وفهم السلف الصالح، مما أكد ضرورة بيان تلك المصطلحات ومفاهيمها الصحيح منها والسقيم.. السادس قلة من تناول أحكام التعايش مع أهل الأهواء وإن تناثرت بعض المسائل هنا وهناك، لذا كان من الضرورة بيان أثر العلماء والدعاة في تعزيز التعايش المجتمعي وفق الدليل الشرعي لكي يتضح للمسلم كيفية التعايش لا سيما في ظل الخلط الموجود في هذا الموضوع.
وأبان الدكتور السديري أن مفهوم التعايش المجتمعي يهدف إلى تحسين مستوى العلاقة بين شعوب أو طوائف ويعنى بالقضايا المجتمعية، الإنماء، والاقتصاد، والأمن، وهذا التعريف بالمعنى العام مأخوذ من دلالة الكلمة بدون ارتباط في مفاهيم أخرى وبالتالي فإن مفهوم التعايش هو اتفاق بين أطراف مختلفة دينياً أو مذهبياً على حسن المعاملة والعيش بصورة ملائمة وفق قواعد محددة بهدف تنمية المجتمع، وتحقيق أمنه، مع احتفاظ كل بخصوصيته.
وقدم السديري شرحاً وافياً عن كل سبب من الأسباب التي دعت إلى الحديث في هذا الموضوع الذي أضحى حديث الساعة.. ثم عرض بعضاً من معززات، ومهددات التعايش المجتمعي، ودور العلماء في ذلك.. مستشهداً بآيات من القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة حول التعايش المجتمعي.. وعارضاً جانباً من تعاملات الرسول ــ عليه الصلاة والسلام ــ مع المسلم وغير المسلم، والموافق والمخالف، وكيف كان هديه في ذلك.. ومورداً ــ في ذات الوقت ــ بعض الأمثلة على تعامل أهل السلف مع المخالفين.
وقال: إن على أهل العلم والدعاة واجب التصدي للتعصب القبلي والمناطقي، وبيان مخالفته للكتاب والسنة ومنهج سلف الأمة وكشف آثاره وأضراره، فكل الدعوات التي تدعو إلى غير الانتماء لغير الوطن سواء قبلية أو مناطقية من شأنها أن تفت في عضد الوطن الواحد، وكذلك الدعوات الجاهلية والانتماءات التي تخرج أفراد المجتمع عن بناء الوطن البناء الصحيح الكامل، فالعلماء والدعاة مطالبون أيضاً ببيان خطر تلك الحميات والانتماءات والتحذير منها وبيان أخطارها وأضرارها.