ناصر الصِرامي
مر عليك إعلان الحلوى، شامبو وغسول الشعر ونعومة الحرير، ووعود تأمين الحياة، تسويق السعادة، منزل جنة الحياة، ومنتجع الخلود. ..الخ.. إعلان بعد إعلان منها ما يبقى في الذاكرة ومنها ما تطرده خوفاً على ذوقك الخاص أو حتى العام!
التحولات في الدعاية والإعلان جعلت منه وسيلة ترفيه ومتعة أيضاً، لكن هذه القصة الإبداعية لها فصول تاريخية، قادته شركات ومنظمات في المجال الإعلاني وأموال إنتاج وبث ونشر ضخمة – تحديداً شركات الاتصالات والمشروبات الغازية ثم الطاقة تالياً، وبالطبع السيارات، ثم في مرحلة لاحقة خطوط الطيران الريادية-، صناعة كبرى كونت لنفسها جمهورًا متلهفاً ينتظر ما تنتجه من إبداع، وظهور مميز لنجوم عالميين رياضياً وفنياً.
بعض الإعلانات، قصتها سردها، جملتها الثابتة أصبحت جزءًا من حواراتنا اليومية، الإعلان حولنا في البيت، وفوق الكباري، وعلى سيارات الأجرة، وموقعنا المفضل على الإنترنت، وهنا أتحدث فقط عن الإعلان المباشر، ناهيك عن الإعلانات غير المباشرة في كل التفاصيل تقريباً الشخصية، وحتى الشخصية جداً.
اليوم نحن أمام 30 ثانية فقط ونقل فكرة ذكية وجدت في الولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت انطباعاً وواقعاً عالمياً. لكن المثير أن اليابان اختارت الغرابة والفكاهة بخلاف توقعاتنا، وعكس خط الإبداع الإعلاني وقتها، الذي كانت ملامحه ولا تزال الوقت القصير والرسالة الذكية للتعبير عن المنتج، قدمت اليابان قصصًا وحكايات غريبة ومفاجآت لترسخ بذهن المشاهد، دون اعتبار للمدة الزمنية للإعلان، التي قد تصل لعشر دقائق، ليس ذلك فقط بل قد يتحول الاعلان لحلقات مسلسل طويل!
أستاذة التسويق اليابانية جلوريا لي، تقول: إن الخط الإعلاني لليابان وجد طريقًا مختلفًا ومميزًا لا تنافسه عليه أي دولة أخرى، وحقق نجاحًا جماهيريًا محليًا في ذلك الوقت.
أستاذا الاقتصاد كينيث أرو، وجورج ستيغلر الحاصلان على جائزة نوبل- يؤكدان أن الإعلان التجاري له دور قوي في تنمية اقتصاد الدول، ومن الدراسات الاقتصادية وثق الإعلان التجاري كمحرك رئيسي في نمو اقتصاد الدول، حيث يوفر معلومات، مع مقارنة لمميزات وأسعار السلع، وتشجيع المستهلك، ومنحه شعوراً بالرعاية واهتمام المُعلنين بتلبية رغباته، إلى جانب الوصول إلى جودة أعلى، بسبب المنافسة على المستهلك.
سوق الإنتاج الإعلاني ينعش الاقتصاد ويحرك عجلته، الإعلانات التجارية الأمريكية تشكل 2.5 % من إجمالي الناتج القومي الإجمالي، الذي يقدر بـ14 تريليون دولار، ويساعد على توفير أكثر من 5.2 تريليون دولار في المبيعات والنشاط الاقتصادي الأمريكي سنويًا، ونتيجة لهذا التحفيز الاقتصادي؛ توفر ما يزيد عن 20 مليون وظيفة في مجالات مختلفة.
المال بداية السر والوظائف النوعية بعضه الآخر.. ولعلها تحفزنا لصناعة سعودية، واقتصاديات إعلانية حقيقة مستدامة، وبنكهة وطنية سعودية ربما في سوق بلا تنظيم أو تحفيز أو مبادرة!