«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
كثيرون من قادة العالم ومن مديري الشركات العالمية والبيوتات التجارية وقبل هؤلاء الكتّاب والمؤلفون والفنانون من رسامين ومخرجين مازالوا يبدعون ويعطون لمجتمعاتهم الكثير من العمل والإنجاز. صحيح أن بعضهم تجاوز عقده الثامن وأكثر ولكن قلوبهم وحيويتهم تجعل أجسادهم تمتلئ نشاطاً وتدفقعاً ورؤسهم مشبعة بالأفكار والعلم، ونفوسهم عامرة بالخير والعطاء والفعل.
مشاهير في مختلف دول العالم مازالوا على الرغم من تجاوزهم مرحلة الشباب وحتى منتصف العمر بسنوات وهم مازالوا شعلة من الحركة والنشاط يتدفقون حيوية.. وكل من شاهد واحداً أو واحدة من هؤلاء المتميزين بالعطاء لابد أنه يسأل نفسه ما السر يا ترى وراء ذلك؟.. فالكاتب الساخر برنارد شو وهو مؤلف أيرلندي شهير؛ وُلِد في دبلن، وانتقل إلى لندن حين أصبح في العشرينيات، مشهوراً من خلال أول كتاباته في النقد الموسيقي والأدبي، ولكنه انتقل إلى المسرح، وألّف ما يزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته.. وأعماله تحتوي على جرعة كبيرة من الكوميديا الساخرة إضافة إلى شهرته التي سببتها مقولاته وتعليقاته الساخرة ذات المغزى. ومرة سأله أحدهم عن سبب حيويته ونشاطه رغم تجاوزه عقده الثامن ومازال يؤلف ويكتب!.. فرد ساخراً لقد طلقت الكسل منذ كنت في المهد. وأضاف: على كل إنسان يريد أن يعيش حياة ناجحة ومفعمة بالعطاء أن ينحاز إلى العمل والحركة والنشاط. ونفس السؤال قيل للفنان التشكيلي الشهير بابلو بيكاسو وهو الذي اشتهر أيضاً بلوحاته وأساليبه الفنية المتعددة واتجاهه إلى الكتابة والشعر، حيث أبدع في الفترة ما بين 1935 حتى 1959 أكثر من 300 قصيدة ومسرحية، منها مسرحية: «الرغبة التي أشعلها الذنب»، و»الفتيات الصغيرات الأربع»، وفي عام 1960 ساهم في بعض الأفلام، مثل فيلم «وصية أورفيوس» للمخرج الفرنسي جان كوكتو، وفيلم «لغز بيكاسو» عام 1956 إخراج هنري جورج كلوزو. فرد على سؤال أحد النقاد على هامش أحد معارضه أن سسبب نشاطه هو العمل والحركه.. وإشغال نفسه بممارسة هواياته من رسم وكتابة وشعر. إنه يجد متعة كبيرة في ذلك، والاستمتاع بالحياة.
وهاهي المبدعة أغاثا كريستي وهي كاتبة «جريمة وقصة قصيرة» وكاتبة مسرحية إنجليزية. والتي نشرت ستة روايات رومانسية تحت اسم مُستعار «ماري ويستماكوت»، إلا أنها اشتهرت بفضل كتابتها لـ 66 من الروايات البوليسية التي كتبتها بالإضافة إلى 14 مجموعة من القصص الأخرى مُستخدمة اسمها الحقيقي، وقد بيعت أكثر من 2 مليار نسخة في العالم.. وتوفيت عن عمر 86 سنه. وقالت رداً على سؤال صحفي عن الأسباب وراء نشاطها وإنتاجها الغزيز أن ذلك يكون بسبب قيامها من سريرها مبكرةً. وتعلمت ذلك عندما زارت بغداد وهي شابة وشاهدت كيف يصحو المسلمون للصلاة ومن ثم توجههم للعمل في الحقول وأعمالهم. وكانت كريستي زارت بغداد وتعرفت على زوجها عالم الآثار ماكس مالوان.. ومن هذا نخلص أن وراء الاستمرار في محافظة الإنسان على حيويته هو أن يطرد الكسل ويصحو مبكراً لمزاولة عمله مع الاهتمام بالحركة والنشاط مع الابتعاد عن ما يؤثر على صحته.