«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
يُصنف الاقتصاد السعودي بأنه من الاقتصاديات ذات النمط الاستهلاك العالي، بل أنه يستهلك منتجات مصنعة تستورد من كبرى الاقتصاديات الغربية، وينتج عن هذا الاستهلاك نفايات ثرية، تتصف بأنها الأعلى من حيث معدلات النفايات الصلبة ذات القيمة المضافة فيها، حيث تصل معدلات النفايات المنزلية للفرد الواحد في المملكة إلى نحو 2.5 كجم يوميا، تختلف من مدينة لأخرى. ويصل المعدل المتوسط للنفايات الصلبة منها إلى 1.5 كجم. وعليه، فإن حجم النفايات الإجمالية بالمملكة يصل سنويا وإجمالا إلى نحو 35 مليون طن، وتصل كمية النفايات الصلبة فيها سنويا إلى حوالي 21 مليون طن. إنها ثروة هائلة وطاقات إنتاجية لا حصر لها تحتاج إلى من يشغلها. وتتوزع النفايات بالمملكة إلى مكونات متنوعة، كثير منها ذات قيمة مضافة عالية، حيث تشمل 40 % مواد عضوية و 3 % زجاج، و 20 % ورق وكرتون، و 3 % معادن، و 3 % ألمونيوم و 12 % بلاستيك، و 2 % خشب، و 3 % جلود ومطاط وأنسجة، و 14 % مواد أخرى متنوعة.
النفايات الخطرة والنفايات العادية
تعد المخلفات والنفايات مواد متعددة الهوية، فقد تكون نفايات للمنازل والأسر، بينما قد تكون نفايات للمصانع أو الورش أو المحال التجارية أو الأسواق أو الشوارع أو غيرها. وكل النفايات حرة إلا نفايات بعض المصانع والمستشفيات قد تكون مقيدة بأنظمة ولوائح تجميع ومعالجة بطرق معينة نظرا لخطورتها. أما بقية النفايات، فقد تتراكم في الشوارع والأسواق عشوائيا. وقد تكون سببا في إنفاق حكومي عال وهائل للصرف على تجميعها بشكل يومي أو نصف يومي من كل الأحياء والشوارع. ونتساءل هنا: كم هو حجم الإنفاق السنوي للدولة على النظافة وتجميع النفايات؟
نفايات السعودية تحوي سلعا نظيفة
أحد جوانب مظاهر الترف والبذخ بالمجتمع السعودي، أن معدل النفايات النظيفة القابلة لإعادة استهلاكها هو معدل عالي ومرتفع، لذلك تنتشر ظاهرة التنقيب في صناديق القمامة بشكل كثيف لبعض الوافدين الفقراء وخاصة من العاملين في مهنة تجميع النفايات نفسها. والسبب أن بعض أفراد المجتمع السعودي تحوي نفاياتهم سلعا ومنتجات ربما لم تستهلك أساسا. فقد تجد كميات هائلة من الغذاء، فضلا عن بقايا أنسجة وأجهزة وأوراق وكروتون وبلاستيك ومعادن وغيرها قد تكون سليمة تماما.
إنفاق حكومي للتخلص من ثروة اقتصادية
الواقع يؤكد أن الدولة تنفق لكي تتخلص من تراكم هذه النفايات بالشوارع والأحياء، تنفق لكي تتخلص من ثروة يمكن أن تتحول لطاقات منتجة، يمكن أن تصبح فرصا للتوظيف، بل يمكن أن تخلق إيرادات من صادرات عالية القيمة. هل ندرك أن هناك دولا تستورد النفايات وبكثافة، هل ندرك أن كثيرا من الدول تجمع هذه النفايات بعد فرزها وعلى استعداد لدفع قيمة عالية لشرائها.
وزارة الشئون البلدية والقروية هي الوزارة المعنية بتجميع النفايات والنظافة عموما، وهي تقوم بتجميعها للتخلص منها، ولكي تقوم بهذا الدور بجانب أدوار أخرى، تنفق وزارة الشئون البلدية سنويا ما يوازي 48 مليار ريال حسب إحصاءات 2017. فكم نسبة الإنفاق على أعمال النظافة منها؟
تشير أحد التقديرات لنائب رئيس جمعية البيئة السعودية الدكتورة ماجدة أبوراس بأن أعمال النظافة لأحد مدن المملكة تكلف الدولة نحو 1.8 مليار ريال، وتتوقع أن إجمالي إنفاق الدولة على أعمال النظافة عموما يصل إلى 20 مليار ريال، أي ما يعادل 42 % من إجمالي المخصصات لوزارة الشئون البلدية. وإذا تتبعنا موازنة وزارة الشئون البلدية سنكتشف أنها تنمو بمعدلات كبيرة سنويا، حيث ارتفعت من 25 مليار ريال (حجم المنصرف في ميزانية 2016) إلى 48 مليار ريال (حجم المقدر في موازنة 2017).
فالإنفاق على التخلص من هذه النفايات يكلف ميزانية الدولة مبالغ طائلة، وكان يمكن استثمار هذه النفايات بتدويرها وتحويلها إلى قيمة مضافة منتجة. فاستثمارها يحقق للدولة الآتي: -
1. توفير المخصصات العالية للإنفاق على أعمال النظافة، أي توفير 20 مليار ريال.
2. يمكن أن تبيع الحقوق الحصرية لتجميع النفايات للمستثمرين بقيم لا تقل عن 5 مليار ريال سنويا.
3. يمكن للمستثمرين تحقيق إيرادات وعوائد تعادل 20 مليار ريال سنويا جراء بيع وتصدير المنتجات بعد تدويرها.
4. الحفاظ على وضع بيئي أعلى للمدن السعودية.
أي أن المملكة تخسر سنويا ما يعادل 45 مليار ريال جراء الثروة المهدرة من عدم استغلال هذه النفايات بالطرق المنتجة.