o مفتتح: (من مأثورات البحتري في مراتب الشعراء قوله: «الشعراء فاعلمن أربعة: فشاعر يجري ولا يجرى معه، وشاعر ينشد وسط المعمعة، وشاعر من حقه أن تسمعه، وشاعر من حقه أن تصفعه»). ويستشهد بهذا الأثر عند التفريق بين الشعراء من حيث جودة الشعر ورداءته.
o مدخل: من نشاطات نادي الطائف الأدبي الثقافي، التي لفتت أنظار مرتادي فعاليته المنبرية في الآونة الأخيرة، استئناف «منتدى النادي»، وهو من النشاطات الأدبية التي كانت تمارس خلال برامج النادي الثقافية قبل الانتخابات، وكان يقدمه ويشرف عليه - آنذاك - الأديب الناقد د. عثمان الصيني رئيس تحرير جريدة الوطن حالياً. وقد استؤنف بعد الانتخابات وشُكّل من مجموعة من ذوي المواهب الأدبية باسم (جماعة فرقد). وقد كان بحق رافدًا من روافد إثراء برامج النادي الأدبية المختلفة، واستقطبت ضمن نشاطاته العديد من الشباب الواعد الموهوب في شتى ضروب الأدب، خاصة في مجالَي الشعر والقصة، كما استحدث النادي أيضاً ضمن نشاطاته برنامج «تبادل الكتب» بين المؤلفين، وخصص له المكان المناسب بمبنى النادي، وكان له دوره الفاعل وغير المسبوق في مجاله.
o ومن برامج النادي الناجحة والموفقة قيامه أخيراً بإعلان مسابقة عامة، تشتمل على الأعمار كافة، مجموع جوائزها (مائة ألف ريـال)، برعاية ونفقة رجل الأعمال المعروف الشيخ/ مشعل الزايدي. وهي خطوة موفقة، يخطوها النادي في تنويعه وشمولية مسابقاته، وتوسيع الشراكات بين النادي ورجال الأعمال (رعاية.. واتفاقاً).
o بداية: ومن إصدارات النادي في مجال تشجيع الشباب واكتشاف مواهبهم صدور دواوين شعرية عدة، منها ديوان للشاعر الشاب سلطان عواض العصيمي، المرسوم بـ(فارس من بلاد الحب) لعام 1437هـ في (80) ص من القطع الصغير. احتوى على (22) قصيدة من الشعر العمودي المقفى الموزون. ومن يتجول في جنبات هذا الديوان يجد أنه أمام شاعر موهوب، استطاع أن يمتلك من أدوات الشعر ما يجعله يشق طريقه نحو الإبداع والبروز، خاصة إذا ما داوم على قراءة الشعر القديم والحديث، وتوغل في مكنوناتهما (قراءة.. وحفظاً).
o ومن إبداعات هذا الشاعر نقتطف من ثمار وجدانياته اليانعة بعض أبيات من قصيدة (فارس من بلاد الحب) التي رسم الرواية باسمها ص (10) نص القصيدة.
أنا فَارِسُ الحُبِّ الذِي حَمَلَ الهَوى
فَبَيَارِقٌ مَرْفُوعَةٌ وَعَوَالي
فَحَمَلتُ من أهوى على خِيلِ الهوى
ما بَينَ أسيَافٍ وَرَميِ نِبَالِ
حَتَّى تَغَشَّتنَا الرِّمَاحُ وحُبُّنا
يَغْشى الجُمُوعَ بِسِيفِهِ ويُبَالي
والخَيلُ تَسقِي بالنَجِيعِ دُرُوبَنا
وتَرُومُ في الأيامِ يومَ وِصَالِ
لا تَسأل العُشَّاقَ كم قَتَل الهَوَى
بل كيفَ أَبْلُوا في الهَوَى بِقِتَالِ
oومن قصيدة بعنوان (مأوى الطفولة) ص (37) يصف فيها مكانة أمه والخصائص التي أودعها الله في قلبها من حب وحنان لبنيها، وكانت بالنسبة له الوطن الآمن وجنته الخالدة في دنياه، وملاذه بعد الله في المحن والكروب.
هِيَ جَنَّةُ الدُّنْيَا وبُسْتَانُ الرِّضَا
أُمِّي حَنِينُ العُمرِ قَيْثَارُ الزَّمَنْ
هِيَ جَنَّتِي أورَاقُ عُمرِيَ كُلُّها
هِيَ قَصَّة تَروِي الحَنَانَ هِيَ الوَطَنْ
هِيَ قِصَّةُ الحُبِّ التي لا تَنْتَهِي
صَفَحَاتُهَا الإيِمانُ والنُّورُ الحَسَنْ
هِيَ قَاسَمَتُنِي الحُبَّ نَبْضَ فُؤادِهَا
لمَّا قَضَى الرَّحمَنُ أنَّىَ مُرْتَهَنْ
فَجَدَاوِلُ الشُّوقِ الكبيرِ لِرُؤيَتِي
تَنْسَابُ في أعمَاقِهَا لَحْناً أَغَنُ
o ومن قصيدة بعنوان (مناجاة الليل) ص (42) يفلسف فيها أطياف الليل وما يدور فيه من أسرار، لا يدرك كنهها إلا من عاش معاناتها، وتمتع خلالها بسكون الليل وأسراره الحياتية المعبرة سلباً وإيجاباً.
أُناجيكَ ليلاً سرى بالهُمُومِ
وأوغلَ حَتَّى أضاءَ القَمَر
فَلِي في دُجاكَ لَهيبُ الجُرُوحِ
ولِي في سَنَاكَ رَنِينُ الوَتَر
يُعَذِّبُنِي في دُجَاكَ الأنينُ
وتُحِيِي فُؤادِي نُجُومُ السَّمَر
فلا الحُزْنُ فِيكَ كَثِيرُ العِتَابِ
ولا الشَّوقُ يَبقَى إذَا مَا حَضَر
فيأخُذُنِي مِن عَنَاكَ الذُّهُولُ
وتُوقِفُنِي فِيكَ شَتَّى الصُّوَر
oخاتمة: الشباب هم عدة المستقبل، وأمل البلاد المنتظر، والعناية بهم تشجيعاً وتوجيهاً في طليعة مهام الأندية الأدبية الثقافية، وقد استطاعت معظمها أن توجد جيلاً جديداً من الشباب الواعد الموهوب في مجالات أدبية عدة، بات يُشار إليها بالتفوق والنجاح في مجالها، وما زلنا ننتظر منها المزيد..
** **
- علي خضران القرني