علي الخزيم
ازدانت صالات وقصور الأفراح خلال إجازة منتصف العام الدراسي بالأضواء الجميلة اللافتة وباقات الزهور الفواحة، وعبقت منها روائح اطيب العطور وشذى البخور، وتنعَّم الضيوف مع أسرهم وعرسانهم بأطيب مذاقات الحلويات، في أجواء رائعة مع ليالي الشتاء وانخفاض نسبي بدرجات الحرارة بأغلب مناطق المملكة مما دعا الحضور لارتداء أجمل ملابسهم وحللهم الدفيئة خلال الامسيات المفعمة بالحميمية، فكانت عاملاً وعنصراً مكملاً لروعة اللقاءات الأسرية للاحتفاء بعرسانهم ومشاركتهم ليلة العمر.
والعرس باللغة هو البهجة والأنس بما يصاحبها من مراسم فرائحية لها إيقاعاتها واصطفافها بما يوائم فلكلور كل منطقة، وهذا تنوع تراثي ثقافي تتميز به مملكتنا الحبيبة لاتساع رقعتها حماها الله من كل شر، وكان العرب في كل أزمنتهم يحيون ليالي أعراسهم بالمرح البريء وبما يرمز للعفة والشمم والمروءة والفروسية، ويبرز الشعراء مواهبهم وبلاغة نظمهم.
ومما يفقد الليالي الملاح بهجتها تلك النمطية المُملة في بعض الاعراس التي تقتل معنى (الفرح) وتئد كل مضامينها بمراسم رتيبة مكررة وكأن أصحاب العرس مجبرين على استقبال المدعوين الذين تراهم جلوساً واجمين يسرحون بأفكار وخيالات يُسَلُّون بها ذواتهم بانتظار اعلان (تفضلوا حياكم الله) لترى الكثير منهم بدلاً من التوجه لصالة الطعام ينطلق لبوابة الخروج ليتنفس الصعداء بعد ان أنهي المجاملة بالحضور.
ومما يزعج بهذه المناسبات المبالغة الطاغية والبهرجة غير المبررة في المظهر من ورود وزخرفات حضر من أجلها مصممون للديكور، مع الاستعانة بقسم النساء بمنسقات للصالة يشرفن على ترتيب الجلسات وما يتعلق بها من توزيع باقات الورود واطباق الحلويات، ومتابعة انتظام النادلات، ومصدر الازعاج النفسي ليس من أولئك القادرين على البذل للاستمتاع بأفراحهم إذا لم يصل لحد التبذير، انما من أولئك البسطاء غير القادرين ممن صرفوا مدخراتهم او استدانوا من اجل إقامة العرس، وربما كان العبء الأكبر على العريس، ومرد ذلك للتقليد الاعمى والاندفاع خلف المظاهر الزائفة لعدة ساعات ليبقى الأسى وتحل الحسرة وهموم تسديد الديون.
ومن المؤسف أن إحصاءات رسمية تشير إلى تزايد حالات الطلاق لاسيما بين الشباب حديثي الزواج، وبعد أشهر قليلة من ليلة الفرح، ولعل من أبرز الأسباب أن شباباً وشابات لم يدركوا بعد مفهوم الزواج وتكوين الأسرة السعيدة، وأن هناك تباينا خطيراً في نظرة الشاب للعروس ونظرتها له، وكيف يريدها وكيف تريده؟! وما هو النمط المعيشي الذي يرسمه الشاب داخل منزله ويرغب أن تسايره عليه زوجته التي ربما أن لها خططاً مغايرة قد تكون مستمده من إيحاءات المسلسلات المتلفزة التي تقدم نمطاً زائفاً للحياة المخملية المناقضة لحياة كثير من طبقات المجتمع، وكيف لشاب حديث التخرج براتب متوسط أن يوفر هذا الخيال التلفزيوني، كما أنه لا يمكن أن تستقيم حياة الشاب ويلذ عيشه إن كان يريد زوجة تمضي ليلها ونهارها في رومانسيات غير منطقية.
السعادة الزوجية تتحقق بحياة الواقع الممكن وببساطة لا تهز ميزانية الزوجين، وبإدراك كل من الزوجين دوره ومهامه الأسرية، واجعلوا بينكم مودة ورحمة.