سلمان بن محمد العُمري
مما لا يخفى على كل ذي إنصاف وعقل أنه لا يوجد بلد عربي أو مسلم يضم فوق أراضيه الملايين من العمالة نساءً ورجالاً ومن عشرات الجنسيات، ومنهم من تجاوزت إقامته في هذه البلاد المباركة الخمسين عامًا وما زالوا يعملون ويحصلون على رزقهم ورزق أهلهم في بلدانهم بكل حب وترحاب، وقبل هذا فالمملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة التي آوت المضطهدين المسلمين من بخارى، وتركستان، والجمهوريات الإسلامية، والبرماوية، والإرتيرية، والبلوش، ومن فلسطين، ومن العراق، بعد مشكلة الكويت وأخيرًا من فلسطين، واليمن، بل ولربما حصل بعض أبناء الجاليات التي تم إيواؤها على الجنسية السعودية وتمتعوا بكافة الحقوق وليس في بلادنا مواطن درجة أولى ودرجة ثانية فنالوا حظهم من التعليم والبعثات الخارجية وتبوأوا مناصب علمية وقيادية ومنهم من أصبح من كبار رجال الأعمال.
وإلى جانب الأعداد الكبيرة من المقيمين في المملكة بصفة نظامية فإن هناك أعدادًا كبيرة من المخالفين لنظام الإقامة سواء من المتخلفين عن الحج والعمرة أو المتسللين أو الهاربين من كفلائهم ومن المؤسسات والشركات، ولم تدخر الدولة حماها الله في إعطاء العمالة المخالفة عدة مهلات لتصحيح أوضاعهم ففي إحدى المرات كانت المهلة ستة أشهر، وتعددت الفرص وبقي أعداد كبيرة لم تصحح أوضاعها.
انطلقت مؤخرًا حملة «وطن بلا مخالف» منذ الشهر لتعقب وضبط مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في مناطق المملكة، وبإحصائية سريعة لمن تم ضبطهم خلال المدة من 26 صفر وحتى 27 ربيع الأول (2177.9) مخالف ومخالفة منهم (118939) مخالفًا لنظام الإقامة، و(69005) مخالفين لنظام العمل، و(29763) مخالفًا لنظام أمن الحدود، والعمالة غير النظامية زادت على مخالفتها في الإقامة سلوك أعمال إجرامية شنيعة في القتل والسرقة والسلب والنهب والخطف وتصنيع المسكر والمخدرات والدعارة والتزوير، ولا يمكن لأي بلد أن يرضى بانتهاك سيادته وأمنه الداخلي، وإحصائية السجون وما تم ضبطه مع المخالفين تثبت تورط العمالة المخالفة بعديد من الأعمال الإجرامية، وما من جريمة على وجه الأرض وبلا مبالغة إلا وارتكبها هؤلاء المخالفون وقد أفسدوا ولم يصلحوا، ولذا فأصبح التعاون في الإبلاغ عن هؤلاء المخالفين واجبًا شرعيًا ووطنيًا لخطرهم على أمن البلاد ومصالح العباد.
إن هؤلاء ما كان لهم أن يبقوا ويستمروا في مخالفتهم وفي جرائمهم لولا أنهم وجدوا من أبناء جلدتهم أو من بعض المواطنين من ضعاف النفوس وقليلي الإحساس العون والمساعدة في البقاء والمخالفة بل وفي التشغيل والاكتساب غير المشروع، والتحويلات المالية، وأتمنى أن يستشعر هذا اللا مبالي بأن من سرقة أمواله ونهب كان هو صاحبها، ومن خطفت طفلته كان هو والدها، ومن غرر بابنه بالمخدرات كان ولده، ومن اعتدى على منزله، إن من لديه ذرة من إيمان وإحساس لا يرضى بذلك لا على نفسه ولا على غيره لأن المجرمين من المخالفين لا يتورعون عن سفك الدماء والسرقات وعمل كل ما هو محرم في سبيل الحصول على المال ومن يأويهم بإسكان أو ينقلهم من بلدة لبلدة أو يشغلهم مشارك في الجرم والإثم شرعًا ونظامًا، وحسنًا فعلت الأجهزة المختصة بإيقاع العقوبات على بعض المتورطين في المخالفات سواء من المخالفين أو المتورطين منهم.
لقد تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطعًا لجرائم العمالة المخالفة وما يقومون به من أعمال منافية للدين والخلق القويم وأعمالهم غير المشروعة في الاكتساب عبر التزوير، وبيع المحرمات والممنوعات، وأوكار الدعارة، وبيع الأطعمة الفاسدة، واحتكار بعض السلع وتهديد الآمنين والسطو المسلح، وهذه الأعمال كان لها رجال الأمن بعد توفيق الله بالمرصاد وسينال كل مخالف ومجرم جزاؤه المستحق، وواجبنا جميعًا أن يكون كل منا يقظًا فطنًا في التصدي لهؤلاء المخالفين بعدم إيوائهم أو تشغيلهم والإبلاغ عنهم حماية لأنفسنا ومجتمعنا.
من التجارب والحملات السابقة اتضح عدم تعاون السفارات الأجنبية في ترحيل أبنائها المقيمين، في المملكة بصورة غير نظامية، وتحملت بلادنا ترحيلهم على نفقتها أو على الكفلاء المتضررين من هروب عمالتهم من مؤسسات أو أفراد، وستظل المملكة العربية السعودية دائمًا وأبدًا بلادًا آمنة لكل طالب علم ورزق شريف، ولكل صاحب حاجة بالطرق النظامية.
حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه، وأدام علينا النعم ودفع عنا النقم.