فهد بن جليد
الحب أهم وأبرز المحركات الخفية في حياة البشر، تتحاشى الاعتراف به معظم ثقافاتهم، بل هناك من يخجل من ترديده أو تعليمه أو الحديث عنه ويعتبر ذلك عيباً ولربما يعده كلاماً غير أخلاقي، رغم أن ديننا قائم على حب الله وحب رسوله، وحياتنا البشرية تعتمد على الحب الفطري بين الوالدين والأولاد، والمُسلم محب للحياة وعليه إعمار الدنيا، فأنت تعمل لأنك تحب، وتأكل وتشرب لأنك تحب، تحزن وتفرح على مقياس الحب، رضاك وغضبك من أجل الحب، حب الدين، الوطن، الزوجة, الناس، حب كل شيء جميل حولك، المعضلة التي قد تواجهها عندما يصبح حبك نقطة ضعفك التي يستغلها الآخرون حولك, والأكثر إيلاماً هو استثمار هذا الحب لجني الأرباح وتحقيق المصالح، أرجو ألا تتوقّع بأنَّ بقية هذا المقال رومانسية.
الدجالون في المجتمعات الإنسانية يعتمدون على بيع الأوهام المُرتبطة بالحب - دون أن يسموه - لجني الأرباح والمال واستغلال حاجة وضعف الناس، هذا الأمر لا يخص ثقافة بعينها وإن انتشرت فيها روايات السحر والشعوذة والمس والعين والحسد، إلا أنَّ الأمر يعد سلوكاً إنسانياً حتى عند تلك الحضارات الأكثر تقدماً غرباً وشرقاً.
مستشفى الحب الذي سنتحدث عنه هنا لم يصل عالمنا العربي بعد - كعمل منظم واحترافي - وإن كانت ممارساته الخاطئة قديمة ومعروفة ومنتشرة بشكل فردي في جنح الظلام وعبر بعض الفضائيات العربية التي تروّج لهذه الأعمال الخادعة والكاذبة, إلا أن الفكرة الصينية عملية أكثر ومُربحة، باعتمادها على 33 طريقة لمساعدة الأزواج في تخليص شركائهم غير المُخلصين من العشيق أو العشيقة الذين دخلوا حياتهم باسم الحب، وجزء آخر من المشروع يعتمد على علاج الشك في الشريك وخيانته للحياة الزوجية أو للصداقة، ومعرفة إذا ما كان هناك بالفعل عشق آخر في حياته أم أنَّ ذلك مجرد أوهام، حيث يتم تقييم الأمر أولاً، ثم وضع خطط مرسومة لتحقيق الهدف، وإبعاد أولئك الأشخاص المُحتملين عن حياة الشريك.
هذا المُستشفى دخل الخدمة قبل سبعة عشر عاماً في شنغهاي بمجموعة محدودة من المُخبرين مُعتمدين على الثقافة الصينية - نتيجة صعوبة الطلاق والانفصال بين الأزواج - ولكنه تطوَّر اليوم ليقدم الخدمة لنحو مليون زوج وزوجة، إمَّا بإقناع العشيقة بالوقوع في حب شخص آخر بعيداً عن الهدف، أو إقناع مدير الزوج في العمل على نقله لمدينة أخرى، أو دفع الأبوين والأصدقاء للتدخل وفضح الأمر، أو محاولة تضخيم سلبيات الزوج وأمراضه الوراثية في عين المرأة الجديدة حتى لا تقع في حبه أكثر.
لو تجرأ أحدهم وفتح في عالمنا العربي مستشفى للحب مُماثلاً، لنضم له أطباء التجميل والجلدية والأسنان والنفسية، واتحدت معه مراكز التخلص من السمنة وعلاج الشعر والليزر.. والقائمة تطول، فكل هؤلاء يعملون من أجل الحب وإن لم يسموه أو يعترف به مرضاهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.