سعد بن عبدالقادر القويعي
بقدر ما تنطوي عليه التطورات المعاصرة من أحداث متسارعة، فإن من أهم مكتسبات الوحدة الوطنية، قضية الأمن الذي تعيشه السعودية في مختلف أرجائها الكبيرة، والذي أصبح مضرب المثل في الأمن، والسلم، وتحقيق الرخاء الاقتصادي؛ فصانت الدين، وحفظت العقول، وطهرت الأموال، وصانت الأعراض، وأمنت النفوس؛ بسبب قدرتها في الحفاظ على أمنها، وحماية مكتسباتها الحضارية في مواجهة التحديات - الداخلية والخارجية -، والذي أدى إلى الاستقرار الناتج عن الأمن الوطني للدولة على النطاقين - الداخلي والخارجي -.
لا مكان لمخرب بين شعب يقظ يدرك معنى البناء، - خصوصا - وأن هناك محاولات بائسة تستهدف تفتيت الوحدة، وشق الصف، وتكدير الأمن، ونهب الخيرات . ولا يتأتى الاستقرار للفرد، والمجتمع إلا تحت مظلة الأمن؛ إذ لا شيء يعدل وجود نعمة الأمن، والاستقرار ؛ باعتبار أن الأمن الذي نعيشه، ونتفيؤ ظلاله، إنما هو منحة ربانية، ومنة إلهية، مربوطة بأسبابها، ومقوماتها ؛ لما للأمن من وقع في حس الناس؛ ولأنه مطلب العقلاء . فإن استدامته من مقاصد الشريعة، وذلك لما له من أهمية في صنع حياة مستقرة، وذلك يستلزم توفير كل أسباب حمايته، واستقامته، والمحافظة عليه، وهو - بلا شك - ثمار رؤية قيادة حكيمة، وضعت كرامة الإنسان، وسعادته، وأمنه، وتلبية حقوقه على رأس أولوياتها .
إن إطراء الحياة الآمنة هو ديدن كل المنابر، ولا يتأتى ذلك إلا بتحكيم الشريعة الإسلامية، واستقرار النظام السياسي في مؤسسات حضارية متقدمة في أطرها الثلاثة - التشريعي والتنظيمي والتنفيذي -، - إضافة - إلى التطوير المستمر للمؤسسات الأمنية المنوط بها صيانة العدل، وحفظ الأمن، متجاوزة بذلك مجرد الحق - الاجتماعي والإنساني -، وجعله فريضة إلهية، وواجباً شرعياً، وضرورة واقعية ؛ لإقامة الدين، واستقامة العمران الإنساني.
بقي القول : إذا كانت بعض المجتمعات الإنسانية تعاني اليوم من ظاهرة الفوضى، وعدم الاستقرار، فإن تظافر الوجود المميز في تحقيق الأمن، والسلم معني بدرجة، أو بأخرى بالإسهام في تثبيت الأمن، وترسيخة في المجتمع ؛ من أجل منع الاستقطاب، وزيادة وحدة الكلمة، وتجذير الولاء، والانتماء للوطن، والقيادة، ودون فصل لمفهوم الأمن الداخلي عن الأمن الخارجي، وأبعاده - الإقليمية والدولية -، لأن أي فصل، يعني: إخلالاً واضحاً بالمعادلة الأمنية لأي دولة.