«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قبل الإعلام الجديد وانتشار المواقع الاجتماعية في «السوشل ميديا» كان الكتّاب والصحفيون في مختلف دول العالم يعانون من مشكلة التواصل بينهم وبين محبيهم من قراءة كتاباتهم سواء أكانت مقالة أو قصة أو رواية أو حتى قصيدة. كانت تعتبر عملية التواصل مشكلة ومع قدوم وسائل الإعلام من راديو وتلفزيون وسينما وفديو وهاتف باتت عملية التواصل أكثر سهولة من التواصل عبر كتابة رسالة يبعث بها قارئ ما من المغرب إلى كاتب في الرياض أو القاهرة أو بغداد، فربما تاهت الرسالة ولم تصل إلى المجلة أو الصحيفة وبالتالي لم يحصل صاحبها على مبتغاه ولم يعرف رأي الكاتب أو حتى رئيس التحرير فيما تضمنته رسالة القارئ من تساؤلات أو ما كتبه يراعه من مواضيع.. ومع هذا كانت الصحف والمجلات في الماضي تخصص اكثر من صفحة لرسائل القراء وللردود عليها.. بل بعض إدارات هذه الصحف أو تلك المجلات تقوم بإيصال ما يردها من رسائل لكتّابها وكاتباتها حتى يكونوا على علم وتواصل مع معجبيهم ومن كلا الجنسين.. ومرة سألت أحد الزملاء قبل عقود لماذا انقطع عن الكتابة في صحيفته على الرغم من جودة ما كان يكتبه من مقالات تتناول الشأن العام. فرد بعد صمت: ما الفائدة من الكتابة سنوات وأنا أكتب ولم أجد ذلك التواصل الذي كنت أنشده وأتوقعه من القراء الذين أكتب من أجلهم وقبل ذلك المجتمع نفسه. وراح يفضفض شعرت بإحباط كبير فلا صدى لما كنت اكتبه ولم أجد يوماً أحدهم اتصل بي شاكراً تناولي لموضوع مهم كنت أتوقع كما يقال أنه سوف يفعل فعل هدف كروي؛ يجعل الجميع يصفقون ويصفرون ويرددون اسمي.. لكن وما أصعب أن تصرخ ولا تجد صدى أو حتى تعليقاً من القراء ولو بسيطاً. يشد من عزيمتك ويحقنك. بفتامين من النشاط والتشجيع. وراح يضيف أنا الآن في حسابي في الفيسبوك ورغم أن ما أكتبه أشياء بسيطة عبارة عن خواطر أو صور التقطها بهاتفي فأجد في ذات اللحظة ردوداً وتعليقات تسعدني، وتدغدغ مشاعري. لكن في تلك الصحيفة يبدو أن مجال التعليق مغلق.. على العموم لا تحرك المواجع..؟! أمثال هذا الزميل كثر. وربما كان توقفه عن الكتابة قد يكون لأسباب أخرى. خجل أن يشير إليها وهو عدم منحه التقدير المادي الذي يستحقه. وأذكر بالمناسبة أن أحد الزملاء والذي كان يكتب في صحيفة خليجيه اكتشف بالصدفه أن ما يصرف له بدل زاويته الأسبوعية نصف ما يصرف لزميلته الكاتبه في ذات الصحيفة.. لذلك يقتحم الإحباط قلوب وأقلام العديد من التاب وفي مختلف دولنا العربية فهناك تفاوت في التقدير والمفاضلة.. ومع هذا جاء الإعلام الجديد حاملاً تواصلاً رائعاً ومتميزاً. فكثير من الصحف تنشر «البريد الإلكتروني» لكتابها والذي بات حلقة وصل وتواصل دائمين بين الكاتب ومحبيه من قراء صحيفته الكثر. وليسمح لي زميلي العزيز «مدير التحرير» أن أشير وبفخر واعتزاز إلى وصول العديد من رسائل القراء لبريدي الإلكتروني لما أكتبه. ولا أبالغ إن قلت بعضها من دول عربية وحتى غربية وهذه دليل على انتشار عزيزتنا «الجزيرة» وأن موقعها مقروء في مختلف دول العالم. وأخلص من هذا إن الكاتب في هذا العصر بات يعيش زمن تواصل وتفاعل محمود. وأن كل حرف يكتبه كاتب ما له فعل وأثر وصدى. عبر المدى.