فهد بن جليد
أم عبدالعزيز امرأة عجوز، تحوَّلت من أرملة تنتظر مُساعدة الآخرين لتربية أطفالها، إلى مُستثمرة في قطاع الترفيه على طريقتها الخاصة، البداية كانت مع (نطيطيه) تملؤها بالهواء في حديقة الحي بعد صلاة العصر، وتؤجرها على الأطفال طوال اليوم بنظام (ألعب حتى تتعب) مع غض الطرف عن أولئك الذين لا يحملون نقوداً ويتسللون للعب مع أقرانهم، وتوَّسعت في مشروعها بجلب بعض (الدبابات الصغيرة والسيارات) التي تعمل بالشحن الكهربائي للعب الأطفال داخل الحديقة -رغم أنَّها كانت تعاني من البلدية التي تمنعها كون نشاطها مُخالف وغير نظامي- ربما أنَّها تقاعدت الآن مع كبرها في السن, ولكنَّها نجحت خلال سنوات في تعليم أولادها والكف عن سؤال الناس بفضل تلك الألعاب وبيع المشروبات الباردة، بكل تأكيد لنا في كل حي ومدينة قصة مُشابهة لنساء عصاميات، وهو ما يحفزني لتطوير فكرة أم عبدالعزيز وجعلها مشروعاً مُتكاملاً يساعد الكثيرين في مجتمعنا.
ما الذي يمنع من التصريح للنساء والشباب السعوديين على تقديم خدمة الترفيه المُتنقلة في الحدائق والأحياء، وفق اشتراطات السلامة والأمان، تماماً مثل ما حدث مع خدمة (الفود تراك) التي انتشرت في كل مكان، وساعدت الكثيرين من أبناء المُجتمع، خدمة الترفيه المُتنقل (بالدبابات، والدرجات الخفيفة، والألعاب الهوائية والبلاستيكية) ستُدِّرُ ذهباً على من يستثمرها، وهو ما نلحظه على بعض العمال المُخالفين ممن يقدمون خدمة الترفيه في الثمامة وفي أطراف المُدن، فلم نحرم أبناءنا وبناتنا.
قبل 5 سنوات تحدثت هنا عن مُعضلة غياب التخطيط في المدن الترفيهية للأطفال، وقارنت بين الأسعار غير المُنتظمة مع كل موسم وإجازة مدرسية لتك المدن الترفيهية في الرياض وجدة والطائف والمنطقة الشرقية، والتغير الذي طرأ على أسعار التذاكر في ديزني فلوريدا بفعل الضرائب السنوية، وكيف أنَّ الأسعار تقل في ديزني كاليفورنيا بنحو 3 دولارات مع قدم البنية التحتية للملاهي العجوز، وعرَّجتُ حينها إلى عالم فيراري أبوظبي والخيارات التي يقدمها للسعوديين الذين يشكلون النسبة الأكبر من طالبي الترفيه هناك، ويؤسفني أنَّ ما تحدثتُ عنه من المُبالغة في الأسعار وتغيرها السريع مازال مُستمراً حتى في هذه الإجازة، رغم أنَّ الترفيه أصبح مفهوماً واضح المعالم في حياتنا.
التغير الطفيف في الأسعار مُقابل ارتفاع أجور العاملين، وتكاليف الصيانة، وجلب ألعاب ومعدات جديدة يبقى أمراً مقبولاً في الحدود الطبيعية، ولكن ما نُشاهده يتجاوز ذلك مع قدم الألعاب وتكرارها، وفي البلدان التي سبقتنا في إنشاء المدن الترفيهية هناك من المواطنين من يملك مشروعه الخاص للترفيه على طريقة أم عبدالعزيز بشكل نظامي وقانوني، يقيمه في مواقف السيارات للمولات أو في الحدائق وأماكن تجمع الجماهير، فكيف بنا ونحن لا نملك مدناً ترفيهية كافية، ونمنع شبابنا من مُزاولة هذا النشاط المُربح.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،