إن سجل الثورة الإيرانية حافلٌ منذ قيامها عام 1979م بقائمة طويلة من الانتهاكات للمواثيق والقوانين والأعراف الدولية, وحقوق الإنسان، وهي دون أدني شك ضالعة في الفتن والقلاقل والإرهاب في الدول العربية؛ بهدف خدمة توجهاتها وتصدير الطائفية والمذهبية والإرهاب أو ما يسمونه «تصدير الثورة»، وزعزعة أمن واستقرار جيرانها؛ لدرجة أنها أصبحت الراعي الأول والداعم الرئيس والممول الأكبر للإرهاب في العالم؛ إذ أسَّست كثيرًا من المنظمات الإرهابية داخل إيران وخارجها؛ ولذلك أدان العالم النظام الإيراني، كما أُدين من قِبَل الأمم المتحدة، وفُرِضَت عليه عقوباتٌ دولية.
إن نظام ولاية الفقيه في إيران نظام يحمل شؤمًا ووبالًا وشرًا مستطيرًا ودمارًا ليس على الشعب الإيراني المغلوب على أمره فحسب، وإنما على العالمين العربي والإسلامي، بل والعالم بأسره؛ الأمر الذي يؤكد أنه ضد البشرية، وأنه يحمل بذور فنائه، وأيديولوجية تدميره ولو بعد حين.
وعلى الرغم من أنه لا ولن يتخلى هذا النظام عن هدفه في إيذاء العرب من المحيط إلى الخليج، من خلال محاولات مستمرة لتفتيت وحدة دول المنطقة، وتوسيع دائرة نفوذه بواسطة عملائه في المنطقة الذين كلما فطس عميل منهم، أو تلاشى حزب استبدل بهم عملاء آخرين، حتى يبقى في الساحة كالأفعى السامة في حركة عدائية دائمة لأهل السنة والجماعة؛ انطلاقًا من عقيدته القائمة على التضليل والتِّقْيَة, والقول بعصمة الأئمة, وأن القرآن الموجود محرف (والعياذ بالله) فضلًا عن معتقدهم الفاسد في إهانة أمهات المؤمنين زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- والخلفاء الراشدين والمهاجرين والأنصار -رضي الله عنهم أجمعين, وغير ذلك مما يطول بيانه من الأعمال المستهجنة؛ ولذلك فإنه لا ينبغي بحال من الأحوال أن تعطى هذه الأفعى أي فرصة؛ لأنه إذا ما سنحت لها الفرصة فإنها ستهلك الحرث والنسل.
إن على المثقفين وكل حملة الأقلام في العالم العربي دورًا كبيرًا, من خلال توعية المجتمعات العربية بأعدائها، وتبصيرها بالمتغيرات والتحولات التاريخية التي تمر بها المنطقة، حيث يتكالب عليها الأعداء من كل مكان وفي مقدمتهم: نظام ولاية الفقيه في إيران، وإسرائيل, والمليشيات المدعومة من إيران والمنظمات الإرهابية، والمخططات التقسيمية المدعومة من الغرب والشرق.
إن فضح النظام الإيراني والخونة من عملاء نظام ولاية الفقيه العرب الحاملين لأيديولوجيته الظلامية واجب وطني وقومي للنهوض بالوعي الفكري العربي والإسلامي, وتعزيز الصمود للدول العربية من محيطها إلى خليجها لمواجهة أنماط المشروعات الصفوية الفارسية في المنطقة, والتصدي لإفرازاتها ومخرجاتها الإرهابية، ولكل المنظمات والأحزاب والمليشيات التي عاثت في المنطقة فسادًا وقتلًا؛ وتدميرًا وتخريبًا.
إن على العرب والمسلمين اليوم أن يوحدوا صفوفهم، وأن يتحلوا بالوعي لما يحاك ضدهم من مؤامرات نظام ولاية الفقيه في إيران، وأذرعه: أفرادًا ومنظمات وأحزابًا ومليشيات ودولًا؛ لأن من أراد ببلاد الحرمين الشريفين شرًا، لا يمكن أن يضمر خيرًا للآخرين, لاسيما وقد تطابقت الأهداف والإستراتيجيات بين داعش والقاعدة، وبين المشروع الصفوي الفارسي, والدليل هو: عدم تعرضهم لإيران بأي عملية إرهابية، بل إنهم لم ينبسوا بحرف واحد ضدها، في حين أن الملالي هم من حمل لواء المجوسية والصفوية والطائفية في العالم, وهم من أشعل الحرائق ودعم الإرهاب في ديار العرب والمسلمين، وهم من أساءوا إلى الإسلام والمسلمين.
وفي هذه السلسلة من المقالات تحت عنوان: (قراءة في سياسة إيران الخارجية) لمحات عن: سياسة إيران الطائفية الإرهابية وعقيدتها الطائفية، نقدمها للمهتمين والقراء؛ بهدف التعرف أكثر على سياسة إيران الخارجية, وإستراتيجياتها الإرهابية ضد أهل الاعتدال والوسطية والتسامح في الدول العربية والإسلامية والعالم قاطبة، مؤكدين بادئ ذي بدئ أن منطلقات النظام الإيراني العدائية نحو دول مجلس التعاون الخليجي خاصة، والعالم العربي مبنية أساساً على أطماع فارسية وأحقاد قديمة، ومزاعم باطلة جسدتها أساليب ومناهج التعليم لديهم والتي تعمل على محاولة تحقيق فلسفة وأهداف ثورتهم، وقد تمثل كل ذلك في السياسة الخارجية الإيرانية كتعبير عن سلوك عدواني نحو العالم العربي والإسلامي، وكان كتاب (مقولات في الإستراتيجية الوطنية) للدكتور/ محمد جواد رفعت لاريجاني بمنزلة خارطة الطريق لسياسية إيران الخارجية، حيث جاء في الكتاب ما يعتقدونه وينادون به صباحاً ومساءً زوراً وزعماً وسراباً بقيعة، ومن تلك المزاعم والأحلام الإيرانية ما يلي: ((لاريجاني «ترجمة د. نبيل العتوم، 2016م»)).
- مدينة (قم) الإيرانية في زعمهم هي (أم القرى) العالم الإسلامي، وجمهوريتهم هي (دولة المقر) للعالم الإسلامي، وعلى الأمة الإسلامية الولاء والخضوع لقيادتها، والدفاع عن إيران في حالة تعرُّضها لأي خطر.
- يرون أن رأية الجمهورية الإيرانية سترفع عنوة في العواصم السنية، وستقيم إيران (الحكومة الإسلامية العالمية)، والولي الفقيه في إيران هو في زعمهم (ولي أمر المسلمين) كافة، وأن المجال الحيوي لإيران الذي يجب السيطرة عليه واحتلاله يشمل الجزيرة العربية، وتركيا، والجمهوريات الإسلامية الخمس شمال شرق إيران.
- واجب إيران الشرعي قيادة العالم الإسلامي لأنها مهد الإسلام الحقيقي والخالص، كما يزعمون.
- الخميني في نظر الملالي هو شمس البشرية، والدول العربية في نظرهم دول متخلفة، وجاهلة، لا تملك سوى النفط والثروات والتخلف، ويقفون ضد الدعوة النبوية.
- الزعم بأن كل ما يقع داخل الخليج العربي ملكية فارسية إيرانية.
- العمل على دعم الشيعة في دول مجلس التعاون الخليجي خاصة، والعالم العربي عامة، والتعهد نحوهم بأنهم المناصرون والداعمون، وقبلتهم الروحية والمذهبية والسياسية.
- ترسيخ مقولة «الشعب الآري»، أو «أرض إيران الكبرى»، أو «أرض الإمبراطورية الفارسية»، وغيرها من المزاعم، مع تشويه وتقزيم الإنسان العربي في نظر المواطن الإيراني مقابل التأكيد على صورة التفوق الإيراني صاحب الحضارة العريقة، كما يزعمون.
إن كتاب لاريجاني هذا والذي يدَّرَس في قسم العلوم السياسية في جامعة طهران في مساق السياسة الخارجية الإيرانية يعدُّ دليلاً قاطعًا على حقد ملالي إيران وسلوكهم العدواني التوسعي، ومن خلال هذا الكتاب (لاريجاني) تتضح سلوكيات هذا النظام في السياسة الخارجية، فلاريجاني صاحب نظرية (أم القرى) والمنظر السياسي للنظام، وهو الذي قدَّم من خلال هذا الكتاب مشروعهم التوسعي العدواني، وأن كتاب لاريجاني (مقولات في الإستراتيجية الوطنية)، وكتاب (برتوكولات صهيون) الذي كان محصلة مؤتمر الصهاينة في بال بسويسرا عام (1897م) توأمان، وبينهما ترابط في الأهداف والوسائل، والغايات العدوانية.
وها هي الاحتجاجات والمظاهرات وغضب الشعب الإيراني يجوب شوارع المدن الإيرانية هاتفين «الموت لحزب الله» و»أخجل يا خامنئي وأترك البلاد»، وفرقت صور رموز الملالي في كل مكان من إيران على الرغم من قمع وعنف السلطة الإيرانية في مواجهة الانتفاضة الشعبية، «ثورة الربيع الإيراني» الذي يشهد العالم الآن تجلياته.
د. علي بن فايز الجحني - وكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية للشؤون الأكاديمية - أكاديمي سعودي