الحمد لله الذي أوجدنا من العدم.. إلى الوجود.. الحمد لله الذي خلق الإنسان من تراب ثم جعله بشراً سوياً.. ومن ثم وبعد وفاته.. يعود إلى التراب ويعود إلى القبر..
قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (55) سورة طه.
الحمد لله على نعمه الكثيرة.. الحمد لله الذي جعل الموت راحة للأبرار... في صباح يوم الثلاثاء الموافق 29-4-1439هـ.. انتقل أخي ومربيني وصاحب الفضل عليّ الوجيه إبراهيم بن حمد السويلم، انتقل إلى رحمة الله عن عمر يقارب التسعين سنة.. قضاها في طاعة الله ومرضاته... وفي الكفاح مع شقيقيه الوجيه سليمان بن حمد السويلم -طيب الله ثراه وغفر له- والوجيه عبدالله بن حمد السويلم -أمد الله في عمره-.. هؤلاء الثلاثة كانوا يكافحون من أجل توفير لقمة العيش لأسرتهم متحملين الكثير من المعاناة والصعاب في سنوات مضت.. وكانت البلاد المملكة العربية السعودية جدباء مقفرة.. لا أعمال ولا نشاط تجاري بها.. اللهم إلا بعض الحرف المهنية البسيطة.. كالفلاحة والزراعة وبناء المباني الطينية البسيطة في بدايات النمو العمراني للعاصمة الرياض.. وكانت تلك المهن البسيطة لا تدر على العامل إلا النزر اليسير من المدخول المادي بسبب عدم توفر الآلات الزراعية التي تساعد على مضاعفة الإنتاج وإنما كانت الأمور بدائية.. فلا مكائن لنزع المياه من الآبار.. وإنما يتم نزع المياه بواسطة (الغروب) التي تسنع من الجلد.. وتقوم بسحبها الجمال أو الدواب من الآبار إلى مكان تجميع المياه..
اشتغل -رحمه الله- بالزراعة في بلدة ثادق لبعض الوقت.. غير أنه لم يجد ما يسد حاجته وأسرته.. فسافر مع أخيه سليمان -يرحمه الله- إلى الرياض وبعد فترة لحق بهما أخوهما عبدالله -أمد الله في عمره-.. وتضافرت جهودهم في العمل في البناء وساهموا في بناء قصور الملك خالد -يرحمه الله- في أم الحمام وكانت تلك بداية انطلاقتهم للعمل ومضاعفة مداخيلهم المادية..
لقد كان الأخ إبراهيم دمث الأخلاق وطيب النفس وجلد على المشاق والصعاب.. كان الإخوة الثلاثة سليمان وإبراهيم -يرحمهما الله- وعبدالله -يحفظه الله- يبذلون جهودهم من أجل سعادة أسرتهم ووالديهم وإخوانهم.. وكانوا يلحون على أخويهما الصغيرين (كاتب هذا المقال) وأخيه عبدالرحمن بأن يجدا ويجتهدا في الدراسة من أجل غدٍ أفضل.. وكان سليمان وإبراهيم يؤكدان علينا بالدراسة والتحصيل العلمي لكي لا تكونا (حرفية مثلنا) أي عمال.
فجزاهم الله عنا كل خير.. ولقد تحقق حلمهما في أخويهما الصغيرين بأن واصلا الدراسة والعمل في الحكومة وتوصلا إلى مراكز عليا في الدولة، وذلك بفضل الله ثم بفضل وكفاح إخوانهم الثلاثة الكبار.. فعبدالعزيز أحيل على التقاعد وهو يشغل وظيفة وكيل إمارة بمرتبة وكيل وزارة أي المرتبة (15) وعبدالرحمن هو الآخر أحيل على التقاعد بعد أن شغل المرتبة (12) بوظيفة مدير عام في وزارة الداخلية.. وهذا كله يعود الفضل فيه -بعد الله- لكفاح سليمان وإبراهيم وعبدالله.. فجزاهم الله أفضل الجزاء على ما قدموا من جهود وكفاح من أجل سعادة أسرتهم.
وأعود لأخي إبراهيم فأقول كان رجلاً جلداً صبوراً يتحمل الصعاب.. وقد أنعم الله عليه بالخير الوفير والأولاد الصالحين الذين ساعدوه على الحياة وقاموا بخدمته في السنوات الأخيرة من عمره وهو كريم يحب مكارم الأخلاق.
ولهذا فقد فتح منزله لجيرانه في الحي يتناولون عنده القهوة والشاي وما يتيسر من المعروضات مساء كل يوم بعد صلاة المغرب منذ عدة سنوات.. يستقبل هو وأولاده جيرانهم بكل رحابة صدر، فجزاه الله خيراً..
ولهذا فهو يعتبر خسارة على أهله وجيرانه، وأسأل الله أن يعظم له الأجر والمثوبة وأن يبارك في أولاده.. وآمل أن يستمروا في استقبال جيرانهم في ديوانية والدهم -يرحمه الله-.
لقد كان -يرحمه الله- محل تقدير وثناء الجميع لما يتمتع به من دماثة خلق ورحابة صدر وكرم نفس ومال.
فجزاك الله خيراً.. وعزاؤنا فيك يا أبا عبدالرحمن أنك كنت محبوباً لدى جميع عارفيك.. فقد غص مسجد الملك خالد بالمصلين الذين حضروا للصلاة عليه جزاهم الله خيراً.. وقد سمعنا ما أثلج صدورنا من الكثير من علية القوم ومن أعيان محافظة ثادق الذين حضروا للصلاة عليه وتشييعه إلى المقبرة في الدرعية.. سمعنا منهم ما أثلج صدورنا من الذكر الحسن والدعاء والكثير يقولون هذا والدنا نحن وليس والدكم وحدكم.
أيضاً عزاؤنا أنك خلفت رجالاً صالحين يسيرون على نهجك.. ونسأل الله العلي القدير أن يعظم أجر الجميع وأن يجعله في عليين مع الصحابة والشهداء والصالحين.
ولا نقول إلا ما يقولوه الصابرون: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
والحمد لله على قضائه وقدره.
عبدالعزيز بن حمد السويلم - وكيل إمارة منطقة القصيم سابقاً