خالد بن حمد المالك
يُعاب على المملكة أنها لوحة جميلة، لكنها مغيَّبة، وفي أحسن الأحوال يمكن أن يُقال عنها إنها مغطاة، وبالتالي فلا يعرف أحدٌ شيئاً كثيراً عن تفاصيلها، أو وجه الجمال المثير فيها، ومن ثم ما تمثّله من دلالات وحقائق يفترض أن نباهي دول العالم بها.
* *
أشياء صغيرة، لا ضرر من وجودها، كنا من قبل نمنعها من باب الخوف على ما قد يأتي بالظن، أو الخوف من أن تتعارض مع تقاليدنا، أو لا تنسجم مع عاداتنا، فنستسلم لما يبعد الشر عنا، ونغنِّي له كما يقولون، حتى ولو لم يكن هناك من شر قادم.
* *
يأخذنا هاجس التقديرات، والتحوُّط مما قد يأتي، فتكون بعض مواقفنا كمن يغطي اللوحة الجميلة المزدانة باسم المملكة وإنجازاتها الحضارية، ونترك ما تراه العين من جمال يمكن أن نراه في هذه اللوحة وحصره في دائرة الجوانب المشوّهة فيها.
* *
حسناً، ماذا لو لم تسمح القيادة للعوائل بدخول الملاعب الرياضية ومشاهدة المباريات وكان ذلك في مدرجات مفصولة عن مدرجات الرجال، وظلت نظرتنا إلى أنه لا مصلحة للمرأة بأن تشاهد المباريات، وتستمتع بها كما الرجال، وأن مكانها في بيتها يُحمدا.
* *
وماذا أيضاً لو لم تتم الموافقة على الترخيص لإنشاء صالات للسينما، تعرض فيها الأفلام بعد مراقبتها وإجازتها من الجهات المختصة، حتى وإن كان للعوائل أيام ومثلها للرجال، بما يمنع الاختلاط، ويمنع عرض أي فيلم لا يكون مناسباً بعد أن مر على الرقيب؟
* *
ألم نمر من قبل بتجربة منع تعليم المرأة داخلياً، ومنع ابتعاثها للخارج، ومنعها أن تكون عضواً في مجلس الشورى، وناخبة ومنتخبة في المجالس البلدية، ألم تكن هناك معارضة لإعطاء إجازة ليوم واحد في الذكرى السنوية لليوم الوطني، ومعارضة أخرى لتعديل الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة إلى الجمعة والسبت، ومثل ذلك الاعتراض على ضم الرئاسة العامة لتعليم البنات إلى وزارة التعليم، واحتجاجات على دخول التلفزيون إلى بيوتنا، وغير ذلك كثير، دون أن تكون هناك أسباب مقنعة.
* *
تذكروا أيضاً منع المرأة من الحصول على بطاقة الأحوال المدنية لسنوات قبل الموافقة عليها، وحرمانها لفترة طويلة من أن تعمل بالشركات، أو تمثّل المملكة في بعض المؤتمرات في الخارج، واقتصار تعليمها على تخصصات جامعية محصورة بالنظري منها دون العلمي قبل أن يوافق لها بأن تدرس في كل التخصصات.
* *
علينا أن نسجل للملك سلمان والأمير محمد بن سلمان، كل التقدير، لأنهما تجاوزا الكثير من التحديات، وما زالت خطواتهما الحضارية المدروسة تتواصل، وأن التوقيت المناسب، والدراسة المتأنية، هما ما أخّرا تنفيذ بعض هذه الخطوات، بما فيها قيادة المرأة للسيارة، وحضورها المباريات في الملاعب الرياضية، وكذلك السماح للسينما بأن تكون جزءاً من الترفيه، وكلها صدرت بموافقة الملك سلمان عليها.
* *
نريد أن يظهر الوجه الجميل من اللوحة، نريد أن تكون اللوحة بكل تفاصيلها جميلة وجاذبة، باستكمال كل العناصر التي تتطلبها، لوحة تكون معبِّرة أصدق تعبير عن واقعنا، دون أن يثار حولنا ما لا نريده، أو يخفي عن الأسماع والأنظار ما نسعى لإطلاع الآخرين عليه.
* *
المملكة بمقدساتها وتاريخها وإنجازاتها، دولة عظيمة، يقودها ملك عظيم هو سلمان بن عبد العزيز، تسير بخطى مدروسة، بما لا تتعارض مواقفها مع دين الإسلام الخالد، وبما لا يكون في قراراتها ما يمسُّ قيمنا وتقاليدنا الجميلة، فلنكن مهيئين لإكمال إظهار اللوحة الجميلة بكل تفاصيلها، وبما يجعلها أجمل وأحسن، في عهد الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.