محمد سليمان العنقري
سؤال يتبادر حول التحول الذي حققه التعليم بكافة مراحله منذ اعتماد رؤية 2030 م وبداية تنفيذ برنامج التحول الوطني فما هي نسبة ارتفاع كفاءة الانفاق على التعليم الذي يستحوذ على 20 في المائة من الموازنة العامة ونحو 10 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي فتكلفة كل طالب من الانفاق بالتعليم العام في المملكة نحو 45 ألف ريال سنوياً بينما في أكثر دول العالم تقدماً بالتعليم خلال العقود الثلاثة الأخيرة وهي كوريا الجنوبية يصل إلى 15 ألف ريال لكل طالب ولكن الفروق لصالح الكوريين كبيرة بالمعرفة والمهارات، إذ لم يظهر أي تغيير على توجهات التعليم ليواكب أهداف الرؤية ويجاري الطلب المستقبلي على التخصصات المطلوبة للقطاعات الكبرى المستهدفة في الصناعة والخدمات عموماً بل وما رشح من التوجه للتتخصصات التقنية العالية المتطلبات والتأهيل من خلال مشاريع عملاقة على رأسها «مدينة نيوم».
فمستقبل الوظائف التي سيولدها الاقتصاد إلى تغيير كبير جداً مع التطور التقني الذي سيظهر على كافة المشاريع والتغيرات بأساليب التشغيل في أغلب منشآت القطاع الخاص حيث ستتطلب الوظائف مهارات عالية وتخصصات حديثة وانتقال التعليم القائم حالياً لأحدث الأساليب العلمية والتقنية، فكل ما رشح عن وزارة التعليم مسودة لنظام الجامعات تعد اطاراً تنظيمياً وهيكلياً يتطلب إيضاحات حول تأثيره بتغيير نسب القبول بالتخصصات العلمية التي ما زلنا متأخرين فيها حيث نسبة الدارسين بالتخصصات الصحية لا تتعدى 6 في المائة من إجمالي طلاب الجامعات الذين يفوق عددهم 1.1 مليون طالب وطالبة بينما بالتخصصات العلمية قد لا تتخطى النسبة 15 في المائة فيما تصل بدول العشرين إلى إضعاف هذه النسب ففي كوريا الجنوبية تصل إلى 39 في المائة في التخصصات العلمية كأعلى دولة في العالم، فجامعاتنا لم تغير من نسب القبول لهذا العام في التخصصات الصحية والعلمية ولم تتوسع بزيادة المقاعد بتلك التخصصات وهو ما ظهر بارتفاع معدلات القبول المطلوبة في المسارات الصحية والعلمية كما أنها لم تتح في أغلبيتها تخصصات علمية وهندسية جديدة للبنات فجامعة الملك سعود أكبر جامعات المملكة لا يوجد أي تخصص هندسي للبنات باستثناء الحاسب الآلي!!
فكيف سنتقدم على سبيل المثال بصناعة الطاقة المتجددة أو التعدين وكذلك بالصناعات التحويلية النهائية ولم يتغير أي شيء بتوجهات التعليم بكافة مراحله لرفد هذه القطاعات بالكوادر المؤهلة وفتح الباب لتخصصات متقدمة تخدم هذه القطاعات بل كيف سنخفض نسب البطالة دون تغيير جذري في التعليم وإعادة توزيع الطلاب على تخصصاته كافة وتطوير بطرق ووسائل التعليم من المراحل الابتدائية هذا بخلاف ضعف البحث العلمي بالجامعات الذي لم يتقدم بالحجم المطلوب لدعم التنمية وتنافسية الاقتصاد، فما زالت الاستراتيجية لتطوير التعليم بكافة مراحله مع إعادة توزيع القبول بكافة التخصصات ما فوق الثانوي غير واضحة ولم تظهر أي خطط من قبل وزارة التعليم والجامعات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لمستقبل التعليم ومخرجاته بما يلبي احتياجات الاقتصاد في ظل رؤية المملكة الاستراتيجية.
قد يكون التعليم بحاجة لمتخصصين بالاستثمار والاقتصاد بالإدارات العليا لرفع كفاءة الانفاق وقياس عائد الاستثمار فيه والذي ما زال دون المستوى المطلوب لأن الانعكاس بالمخرجات من حيث النوعية والكم للتخصصات المهمة دون النسب المطلوبة والدليل الانكشاف المهني الكبير الذي يمكن لوزارة التعليم أن تسأل عنه وزارة العمل لتعرف حجم الفجوة بين عدد من يتخرجون ونسبة السعوديين بتلك المهن بسوق العمل والاحتياج الحقيقي الذي يعالج هذا الانكشاف المهني الكبير حالياً ومستقبلاً لكي تبني الوزارة خططها مع ما يتطلبه الاقتصاد مستقبلاً من تخصصات وتأهيل لرأس المال البشري الذي يعد إحدى الركائز الأساسية لنجاح رؤية 2030م.