عروبة المنيف
سبق وأن كتبت منذ السنتين مقالاً شكرت فيه مدينة لندن، وكان بعنوان «شكراً.. لندن»، وقد تضمن المقال، شكر عاصمة الضباب على إتاحتها الفرصة للفتاة السعوديه بدخول ملاعبها، وحضور مباراة السوبر بين فريقي «الهلال والنصر»، وقد أشدت حينها بالمستوى المشرف لحضور الفتاة السعودية في الملاعب اللندنية، وها أنا اليوم أكتب عن أول تجربة لمملكتنا الحبيبة في منح المرأة حقها في دخول الملاعب وتشجيع ناديها المفضل، في أول مباراة رسمية للعائلات في المملكة في مدينة جدة، بين فريقي «الأهلي والباطن» حالها حال أخيها الرجل، فمن حق المرأة عيش تجربة تلك الأحاسيس التي يتمتع بها الرجل عندما يشجع ناديه على مدرجات الملاعب وعلى الهواء مباشرة.
تكبدنا في السابق عناء السفر لنعيش لحظات فرح وبهجة، كدخول ملعب وتشجيع نادينا المفضل، أو لحضور عرض فيلم في سينما أو للاستمتاع بفعاليات حفلات غنائية.. وغيرها من فعاليات ترفيهية أصبحت الآن متاحة للجميع بدون استثناء، وذلك بفضل حنكة قادتنا ونظرتهم المستقبلية الحكيمة للأمور، فنحن لا نختلف عن البشر في كل أنحاء العالم ولسنا استثناءً أيضاً، لذلك نحتفل بذلك الحدث، نفرح ونبتهج بتلك الأحاسيس التي طالما تمنيناها ونحن نطالع المباريات من خلف الشاشات، فنحن كيانات بشرية لها متطلباتها ورغباتها وحقها في التعبير عن مشاعرها وفي الاستمتاع بالحياة بما أقره الله لها.
لقد كان لحضور الأميرة ريما بنت بندر كأرفع مستوى نسائي في هيئة الرياضة أيضاً تأثير عظيم في دعم الحدث ودعم المرأة وتأييد حضورها، ذلك الحضور الذي أعلن عن حضور سعادة مختلفة للأجواء السعوديه سيتم تأريخها، فالمشاعر الأنثوية التي عمت الأجواء أضافت روح المرح والبهجة وما جعلنا نعيش تجربة مميزة ونثبت للجميع بأننا نستحق ووطننا يستحق. ليس حضور النساء في الملاعب ممثلاً بالعائلات هو الملفت بالحدث فقط، ولكن التنظيم النسائي أيضاً كان مميزاً، فتخصيص فريق عمل نسائي متكامل من أجل تسهيل مهمة دخول العائلات للملعب وتوفير أماكن جلوس مخصصة للعائلات بتنظيم محكم أعطى صورة مشرفة للفتاة السعودية، في التزامها وتفانيها بالعمل.
لا يختلف حضور المرأة في الملاعب كمشجعة، عن حضورها لأي فعالية أخرى سواءً كانت ثقافية أواجتماعية أو ترفيهية أو غيرها كارتياد أسواق أو مهرجانات، وحضورها الآن لهذه الفعالية، يؤكد حقها في التواجد في كل مكان على أرضها، فكل شبر من أرض المملكة هو ملك للجميع، لرجالها ولنسائها على حد سواء، والتفاعل والمشاركة الوجدانية للمرأة مع أخيها الرجل وفي حدث كهذا له طعم خاص، لن يستطيع وصفه إلا النساء سواءً كن حاضرات أو مشاهدات للحدث.
سبق وأن كتبت منذ فترة قصيرة أيضاً مقالاً بعنوان سأقود سيارتي وأذهب للسينما، وأقول الآن سأقود سيارتي وأذهب للملعب، فهنيئاً لوطني وهنيئاً لنساء وطني بتلك الأحداث التي ترفع الرأس «لفوق هام السحب»، وشكراً.. وطني لتقديرنا في بلدنا ونشر البهجة في قلوبنا، فلن أذهب للندن أو لغيرها من مدن العالم لحضور مباراة، أو مشاهدة فيلم، فوطني ما قصر. وأملنا بالقادم أكبر، ونكرر دوماً، «وطني الحبيب وهل أحب سواه».