سمر المقرن
الأكثر تداولاً ونقاشاً هذا الأسبوع، كان مقال الأستاذ خالد المالك الذي كتبه يوم الخميس الفائت، تحت عنوان: (بيني وبين الصحافة.. الخوف عليها). هذا المقال أثار معظم الأوساط السعودية والخليجية والعربية من مختلف الشرائح وليس على مستوى الشريحة الإعلامية فقط، لأنه أتى كوثيقة اعتراف بالأوضاع الحالية التي حاول الكثير إنكارها وعدم تصديقها، وهو أن الصحافة الورقية تحتضر إن لم تخضع لعملية إنعاش عاجلة طالب فيها الأستاذ خالد المالك خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- بعملية الإنقاذ هذه، والخوف من وفاة الصحافة الورقية هو ليس خوفاً على اندثار الطريقة التقليدية لقراءة الصحف، بل إنه خوف حقيقي على الصحافة الرصينة التي تمثل واجهة البلد وهي المرجع الأول لتكون الناطق باسم الوطن والمواطن، بعيداً -مع احترامي- عن الصحافة الصفراء التي صارت تخرج من غير المتخصصين بل وفيها من الجهل الكثير ما يسيء للصوت الإعلامي الحقيقي، عدا لخبطة وسائل التواصل الاجتماعي وأخبارها ومقالاتها التي يتناقلها الناس دون توثيق ومعظمها شائعات وتصفيات مقززة لكنها مع بالغ الأسف متداولة. موت شبه الصحافة الرسمية يعني نهاية صوت العقل الإعلامي، ومن وجهة نظري أن انحسار عدد الصحف المطبوعة والاعتماد على المواقع الإلكترونية لهذه الصحف هو حل أفضل من الخسائر الناجمة عن الطباعة وتشغيل المطابع، لأن الناس أصبحوا يعتمدون في قراءاتهم على الأجهزة الذكية، ولا يعيب المؤسسات الصحافية أن تنتقل إلى العصر التكنولوجي بعمل تطبيقات تتماشى مع احتياجات العصر، بالتالي سيكون الإعلان الذي هو أول الموارد المالية للصحف «إلكتروني»، وأظن أن هذه الأزمة أتت لكثير من الأسباب من بينها أن الصحف لم تتماشى مع احتياجات القارئ والمستهلك، لذا تم سحب البساط الإعلاني منها ورحل إلى السناب والانستقرام وتويتر الذي تغيب عنه بعض الصحف، أو تعمل من خلاله بطريقة تقليدية لا تختلف عن أوراق الصحف. في كل الأحوال، ما ذكره الأستاذ خالد المالك كان خطيراً جداً، بل ومخيف على مستقبل الفكر الإعلامي الناضج الذي تحتاجه البلاد، ويحتاجه الإنسان الواعي الذي قد يصل إلى مرحلة التعب والملل من الوجبات الإنستقرامية والسنابية بل ومشاهد الفيديو التي أغلبها لا تحمل هدفا ولا رسالة، وبالنهاية هي من تأكل الوجبة الإعلانية الدسمة.
مناشدة الأستاذ خالد المالك للقيادة السعودية تحتاج إلى أن نرفع جميعاً صوتنا معها، ليظل هناك مساحة للإعلام الرزين وإن تعالت حوله أصوات الصحافة الصفراء!