أمل بنت فهد
مهما كان عمر موضة ما، طالت مدتها أو قصرت، إلا أنها سوف تموت أمام موضة جديدة، أو جيل آخر، أو اختراع أكثر تقدماً، فهل هذا يشمل مواقع التواصل الاجتماعية؟
على سبيل المثال لا الحصر موقع تويتر، متى ستكون نهايته؟ هل سيكون عمره طويلاً، وما الذي سيأخذ مكانه؟
وحتى لا نستبق الأحداث، فإن واقعه اليوم بقدر مافيه من سرعة الانتشار، وكثرة المستخدمين، وتنوع مجالات الاستفادة منه، إلا أنه يجمع في جوفه حقيقة سوداء عن البشر، إنه يخرج أسوأ ما فيهم، مثلما يخرج أجمل مافيهم، حرب كلمات، وحرب معلومات، وحرب فضائح، وحرب شتائم، وحرب أديان، وحرب سياسية، وحرب أحزاب، وحرب كذب، يبدو أن الازدحام محفز للفوضى، حتى في واقع الانترنت، بالطبع للتنوع سحر، وللاختلاف جماله، لكنه سرعان ما ينقلب إلى خلاف، لأن عالم البشر تنافسي، ومع كل هذا الضجيج، والزحام، هل ستفقد البشر اهتمامها به يوماً ما، ويبقى السؤال: هل ساعدهم هذا التقارب على التفاهم، أم أنه تسبب في فجوة كل يوم تزيد اتساعاً؟
ربما يكون ملل المستخدمين من الوضع الراهن هو أول انحسار للفوضى، وربما يكون حنين الإنسان لممارسة إنسانيته سبباً لأن يهدأ، ويراجع ساعاته التي تذهب عبثاً على مجادلات تبدأ وتتفرع ولا تنتهي، متاهات من التجاوزات، ترهق واقع أن الإنسان اجتماعي حقيقي، وليس هذا الزيف الذي يعيشه على صفحات تويتر.
سيعود الإنسان للكتاب، سيعود للطبيعة، لأنه بعد هذا الإرهاق سيدرك أن حاجته ليست شاشة باردة، وشتائم متناثرة، ومعلومات ناقصة أو كاذبة، وضجيج وسباق دون نهاية، وحروب ليس لها نتيجة.
سيفقد اهتمامه، بعد أن يكتفي بمدرجات المتفرجين، وبعد أن يرى حقيقته سابقاً، كيف كانت، يوم كان لاعباً محترفاً ومحترقاً في معركة ليس لها قضية، الجميع يقاتل أقرب شيء له، ويضرب دون هوادة، يكتب، ويرد، ويهاجم، عملياً هو محارب، لكن لماذا؟ ومن أجل ماذا؟ وهل ينتظر نتيجة؟
ربما يبقى تويتر مصدر تسويق، أو نشر أخبار، لكن أن يكون بديلاً للحوار بين الناس، أو مصدر حب وسلام وتفاهم، صعب جداً.