كتب - محرر الوراق:
سألنا مجموعة من المهتمين والباحثين في الحقل التاريخي والإعلامي والتربوي سؤالاً مباشراً وقلنا لهم إن تاريخنا المشرف الذي سطره الآباء والأجداد بحروف من دم وعرق لم يصل إلى الجيل القائم الآن بالصورة المطلوبة... أين الخلل... وبشكل مبشر أتت إجاباتهم على النحو الآتي:
أبا بطين:
من يصدق القارئ ابن غنام أم ابن بشر؟!
أولى المداخلات للأستاذ عبد الله بن محمد أبا بطين، باحث ومهتم بالتراث وصدر له العديد من المشاركات في هذا المجال بين كتاب مطبوع أو مقال أو مشاركة منبرية، فقد حملت مشاركته أكثر من وجهة نظر جريئة، وفي الوقت نفسه، وكعادته في مداخلاته فتح النار في أكثر من اتجاه، حيث يقول: تاريخنا المحلي نوعان: منقول ومكتوب... الأول قال: أبي وجدي نقلا عن جده، وهذا أصدق التواريخ.
والثاني نقله فلان من كتاب فلان، وهكذا، وهذا أوجد ضعفاً لدى القارئ، فمن يصدق؟!
هل ابن لعبون أم العوسجي أم ابن غنام أم ابن بشر أم ابن عيسى؟! و»كلهم مجتهد».
ويضيف أبا بطين في حديثه للوراق عن القصيدة، وهي أحد المصادر التاريخية، فيقول: إنها أطول عمراً، ومع ذلك قد يشوبها بعض من توجه ناظمها.
وأما وسائل الإعلام - والحديث ما زال لأبابطين - فهو حديث النشأة، وقد يجهل بعض القائمين عليه أسلوب عرض التاريخ، وقد يوقعهم هذا في حرج.
ولم يفت أبا بطين مداخلته بأنه يوجه ملحوظة بأن كتابة التاريخ في تعليمنا تحتاج إلى إعادة نظر في السرد التاريخي.
ويشفق أبا بطين على مؤرخينا الذين لديهم جهد هائل وبحث مستمر، ولكن... بدون دعم مادي أو إعلامي.
ولم ينس أبا بطين أن يعرج في حديثه على شكر وزارة الشؤون البلدية والقروية على أن وضعت يعض أسماء الشوارع بأسماء مؤرخينا، وهذه لفتة رائعة تذكر الأجيال برجال كان لهم الفضل بعد الله في تدوين التاريخ..
يختم أبا بطين حديث متأسفاً على أن التدوين التاريخي بدأ يتلاشى مع هذه التقنيات الجديدة، والتي تكتب فيها ما طاب لك، والحديث ذو شجون... ويشير أبا بطين إلى أن حديثه هنا من خلال تجربته ومشاهدته في التدوين التاريخي في منطقة سدير.
الحميضي:
هناك تقصير في عرض تاريخنا
وفي الموضوع نفسه شاركت الأستاذة فوزية بنت عبدالله الحميضي معلمة متقاعدة، وصاحبة تجربة تعليمية وثقافية وإعلامية، ومهتمة بالموروث، فقد كان حديثها منصباً على وزارة التعليم؛ ودورها المهم في هذا المجال، حيث قالت الأستاذة الحميضي:
تاريخ بلادنا تاريخٌ مشرفٌ بالفعل؛ فمؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - صنع ما يشبه المعجزة مع المخلصين الذين نذروا أنفسهم لِلَم الشمل تحت راية التوحيد. إلا أن هذه الملحمة لم تصل لأبناء الجيل الحالي بالصورة الجميلة المبتغاة! وأعتقد أن السبب هو التقصير في عرض هذا التاريخ من جهات عدة أبرزها وزارة التعليم ممثلة بالمناهج، ووزارة الثقافة والإعلام ممثلة بالأفلام الوثائقية، والمؤرخين المعاصرين الذين يكتبون تاريخ وطننا في مجلدات ضخمة؛ ويظنون أن دورهم ينتهي عند تأليف الكتب!
تضيف فوزية الحميضي: لذا لا بد من تضافر الجهود لتعريف أبنائنا على تاريخ دولتنا المجيدة، وذلك بأساليب محببة للنفس وليست بطريقة التلقين أو المشاهدة فقط!! مع عدم الاقتصار على المناسبات الوطنية؛ بل في كل وقتٍ وحين، ولنغرس في نفوسهم حب الوطن والولاء والإخلاص له.
الخنيني:
وسائل (التشاغل) الاجتماعي أفقدتنا التواصل
أما الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الخنيني مستشار البرامج في هيئة الإذاعة والتلفزيون، فقد كان حديثه متنوعاً بتنوع ثقاته الغزيرة، حيث وجه في مداخلته عدة رسائل، وعبر أكثر من ساعي بريد حيث يقول: ما من شك في أن التاريخ هو ذاكرة الأمة ومصدر من مصادر إلهامها لتواصل العمل والبناء وتشق طريقها بين الأمم. ومن ليس له تاريخ فليس له ذاكرة، وكيف لجيل جديد أن يسير ويواصل ركب الحياة دون أن يستند إلى قواعد راسخة وقوية من المُثل والمبادئ التي ورثها عن آبائه وأجداده.
ويعلق الأستاذ الخنيني الجرس بخصوص وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أضاف في مداخلته بقوله: لا شك في أن طائفة كبيرة من جيل اليوم تفتقد التواصل مع التاريخ المحلي ولا تحفل به ولا تقيم له ذلك الاهتمام الذي يستحقه..ومرجع ذلك إلى انشغال الجيل الجديد بالأمور والتطورات والصرعات المستحدثة التي تفرزها وسائل (التشاغل) الاجتماعي؛ الأمر الذي قلل من حلقات التواصل بين أفراد العائلة وبين الناس وأرباب الخبرة والتجربة.. وبات ما يتناقله الناس ضرباً من توافه الأمور التي لا تحمل تجربة ثرية ولا تاريخاً يستمد منه الجيل القوة والخبرة والمعرفة ومن ثم ينشأ جيل بلا ذاكرة وبلا تاريخ ويصبح لديه هوة ثقافية، وهذا في منتهى الخطورة..
قال الشاعر:
وينشأ ناشئ الفتيان منا
على ما كان عوّده أبوه
ولذا ينبغي تدارك الوضع ومعالجة الخلل سواء من خلال دور وسائل الإعلام وما تطرحه من ثقافة..
أو من خلال إعادة صياغة العلاقات الأسرية والمجتمعية لتكون باباً مهماً لنقل التاريخ والمُثل والتجارب من جيل إلى آخر لينشأ الجيل مسلحاً بالثقافة مزوداً بالخبرة متحلياً بالمثل والأخلاق والسجايا النبيلة التي حث عليها ديننا الحنيف.
عالية الهيف:
لم يصل التاريخ بطريقة صحيحة، وكان سرداً سريعاً
ومن الرواق الأكاديمي قدمت الدكتورة عالية بنت مذكر الهيف، وهي أستاذة جامعية بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن رأيها بخصوص طريقة وصول التاريخ لدينا ولم يكن رأيها متفائلاً بدرجة كبيرة، حيث ترى أن التاريخ لم يصل إلى أي جيل بطريقة صحيحة.. وأنه كان مجرد سرد فقط لجميع أحداثه، طريقة إيصاله لم تكن بالصورة الصحيحة بمعنى لم يعرض العرض الجيد المشوق ليكون محبباً لجميع الأجيال.
ابن فرزان: المدارس والإعلام وحتى الأسر اشتركوا في التقصير
وأما الأستاذ متعب بن صالح بن فرزان أحد الكتاب والمهتمين بالتاريخ المحلي والكتاب فيه، فقد وجه اللوم على كافة الشرائح في هذا الخلل الذي نشعر به، وبدأ حديثه بالتركيز على وسائل الإعلام، حيث يرى ابن فرزان أن الخلل في الإعلام الذي لا يتكلم عن تاريخ الآباء والأجداد وعن تاريخ الرجال المخلصين الذين بذلوا الأرواح والأموال من أجل راحتهم وأمنهم واستقرار بلادهم وكذلك المدارس مقصرة في التحدث عن تاريخ الآباء والأجداد.
ومع الأسف الشديد أن كثيراً من الأسر تعمل اجتماعاً سنوياً أو شهرياً ولكن لا تتحدث عن تاريخ الأجداد المشرف وعن ما بذلوه حتى نشأ عندنا - مع الأسف - جيل غير مهتم أو مبالٍ ونتمني من هذا الجيل أن يعلم بأن الذي ما له ماضٍ ما له حاضر.
السويد:
المؤسسات غائبة عن هذا المشهد
ويضيف الدكتور محمد بن ناصر السويد الأستاذ الجامعي المتخصص في رسم السياسات وبناء الخطط أن هناك خللاً في التواصل مع المؤسسات في هذا المشهد،حيث يقول:
في رأيي الخلل يكمن أن هذا الموضوع لم يثار بشكل رسمي، ولم تتم مناقشته وفق منهجية مؤسسية، فهناك اجتهادات من هواة أو غيورين يعملون بجهد فردي وكجزر منفصلة.
ولمعالجة هذا القصور وإبراز تاريخنا الوطني بالشكل المناسب يحتاج التبني المؤسسي ولتكن هيئة عليا للتاريخ الوطني تضم فريقاً متخصصاً في التاريخ الوطني دوره توفير المادة العلمية، وفريقاً تربوياً دوره صياغة المحتوى المعرفي للفئات السنية من مرحلة قبل المدرسة حتى مرحلة ما بعد الدراسات العليا، وفريق ثالث تقني يتولى معالجة المعرفة تقنياً وتحويلها لمنتج، وفريق رابع إعلامي دوره متابعة النشر بصورة تقليدية وبصورة تقنية معاصرة، وفريق خامس للتسويق وجمع التغذية الراجعة، وإعادة دراستها من قبل الفريق الوطني، لتبدأ دورة ثانية أكثر نضجًا ونجاحاً.
الفيصل: هناك من يطبق مقولة حكي في الماضي نقص بالعقل على تاريخنا
وتحدث إلى الوراق صاحب المشاركات التاريخية المتعددة الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل، منوهاً إلى بعض أشكال التعامل مع تاريخنا المحلي، يرى الفيصل أن تدوين تاريخنا المحلي الذي سطره الأجداد والآباء من جهد وعناء وتبصر لا بد أن تطّلع عليه الأجيال لإدراك أن ما جنوه اليوم من خير وأمن وتطور بفضل الله سبحانه وتعالى لم يكن إلا من تداعيات الماضي من كفاح واجتهاد فالذي ليس له ماضٍ ليس له حاضر.
ويستدرك الأستاذ الفيصل، بقوله: لكن الملاحظ تحفظ البعض على تدوينه للتاريخ المحلي منهم من يرى أنه وقت ومضى بحلوه ومره ويستندون إلى المثل الشعبي دون فهم معناه (حكي في الماضي نقص في العقل) ومنهم من يزهد فيه وأنه لا ليس له شأن حتى يذكر ومنهم من يرى أن فيه مثالب وعيوبًا قد تسيء إلى الماضين مع أنه لا يوجد شخص كامل حتى في زماننا هذا ومنهم من يحتفظ بتدوينات تاريخية لكنه لا يظهرها خشية المساءلة أو إثارة نزاعات قديمة خاصة في اختيار الزعامات والقيادات القديمة بين القبيلة ومنهم من يرى ضعف الجانب الإعلامي واهتمامه بالموروث الأجنبي فضلاً عن تهميش الموروث المحلي والبحث عن إسقاطاته وغير ذلك من الأمور الأخرى، ولكن الذي يرى ما سطره التاريخ المدون لكثير من الأمم يجعل هذه التحفظات تزول في بعض الأحيان وأنهم قد اعتنوا بتاريخهم من جميع الجوانب والذي أراه التوسط في هذه الأقوال أمر مطلوب فلا إهمال وتهميش تاريخنا المحلي ولا إغراق في كتابة جميع جوانبه سواء المبالغ فيها أو السيئة التي لا مصلحة من نشرها.
الشراري:
نحتاج إلى أنموذج فيلم عمر المختار
ومن شمال وطننا الحبيب يشارك الباحث خالد الشراري متمنياً أن يستفاد من السينما في تقديم تاريخنا بصورة مشوقة لا سيما ونحن على أبواب افتتاح صلالات السينما، حيث يقول:
دعنا نركز على المرئي؛ لأنه أسرع وسيلة إعلامية للنقل... والآن نحن في صدد افتتاح دور للسينما وآمل أن يتم الاستفادة منها للنشر تاريخ آبائنا وأجدادنا...
إن السينما أداة حضارية علمية ترفيهية خطيرة، لها دور كبير مهم في تثقيف الجماهير وصقل وعيها بمختلف القضايا، لا سيما لو كانت الأعمال السينمائية منطلقة من رؤية إصلاحية تستهدف بث الوعي بتاريخنا المجيد وبمعايير أخلاقية شرعية تتناسب مع ديننا الحنيف ورسالته الخالدة؛ حتى إن هذا النوع الرشيد من الأعمال الفنية السينمائية صار يعرف باسم (السينما النظيفة) وما أفلام الراحل مصطفى العقاد (الرسالة) (عمر المختار) منا ببعيد؛ ومن ثم يمكننا تقديم تاريخنا ورؤيتنا بوسائل عصرية حضارية ممتعة ماتعة شائقة تجتذب هذا الجيل الجديد في عصر الشاشة؛ فنكون جمعنا بين التعليم والتوجيه والتثقيف والترفيه والتسلية.
وإن المملكة العربية بثقلها السياسي والاقتصادي ودورها الحضاري في الماضي والحاضر لقادرة على تقديم تجربة رائدة يحتذى بها؛ لإعادة تقديم تاريخنا الحافل المجيد في قالب عصري جديد.
المفيز:
الإعلام جعل الجبان بطلاً والجاهل عالماً
بدأ الأستاذ فايز بن إبراهيم المفيز، وهو باحث مهتم بالتاريخ المحلي بقوله إن هذا الموضوع يحمل تساؤلاً عميقاً. وأضاف المفيز: الخص إجابتي على هذا التساؤل في كلمة وهي: الإعلام فالإعلام أسقط دولاً وجعل الجبان بطلا وجعل الجاهل عالماً وجعل البخيل كريمً وأسقط القدوات وصنع رموز وقس على ذلك فالتاريخ هو عصارة التجارب ففيه العبرة بوجهيه الإيجابي والسلبي، لذا يجب أن نعيد النظر مرارًا في هذا الموضوع ونراجع أنفسنا باستمرار في هذا المجال.
العيفان:
عدم التدوين أضر بنا
الباحث في المخطوطات والوثائق المحلية الأستاذ هشام بن صالح العيفان يرى أن الخلل يكمن في الطبيعة البشرية وفهمها لمكون هذا التاريخ، حيث يرى العيفان أن عدم توثيق كثير من الأمور بل وعدم الرغبة في ذلك وقد يصل الأمر إلى رفض تدوينها بل حتى الحديث عنها.
الأمر الآخر - بحسب العيفان - هو النهضة المفاجأة والانتقال السريع من أسلوب حياتين مختلفين أدى إلى صعوبة نقل كثير من المعلومات المرتبطة بالمرحلة الماضية.
العميري:
المؤسسات التعليمية عليها الدور الأكبر
نوير العميري طالبة دراسات عليا، تشارك زملاءها في هذا الحوار حيث إنها ترى على المؤسسات التعليمية دوراً كبيراً في هذا المجال، حيث ترى أن السبب الأساسي في هذا دور الإعلام في عدم إبراز التاريخ الحافل وإظهاره بالصورة المشرفة والمشوقة الجميلة التي تناسب الأجيال وتحفزها على البحث في التاريخ العظيم للتعرف عليه والاعتزاز به.
وتضيف الباحثة العميري: وكذلك دور المجتمع في عدم غرس تاريخنا المجيد في عقول ونفوس أجيالنا المقبلة، فالأسرة عامل من أهم العوامل في تعزيز هذه القيمة التي يجب أن توظّف المناسبات الوطنية لإكساب وترسخ لديهم الهوية الوطنية، وتنمي في قلوبهم حب الوطن، و أخيراً الدور الأكبر والأهم يقع على عاتق المؤسسات التعليمية ومن هذا المنطلق نطالب كباحثين أن تهتم بتدريس تاريخنا الوطني لأنه من أهم مكونات هويتنا الذاتية وترسيخ الانتماء لدى أجيالنا المقبلة..
العريفي:
مؤرخونا سجلوا التاريخ السياسي وأهملوا الثقافي والاجتماعي
وبمداخلة مميزة من الباحث التاريخي سعد العريفي أكد على أن اهتمام الكثير من المؤرخين عبر حقب التاريخ بالسياسة، وذلك لتقريب الساسة لهم، فسجلوا انتصارات الملوك، وأرخوا لمجالسهم، وطرق حكمهم.. الخ مما يخدم أهل الحكم والسياسة، لكنهم في هذا المنهج ابتعدوا كثيراً عن التأريخ للنواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والترفيهية وغيرها، وإن وجدت هذه النواحي في بعض الكتابات والأشعار لكن التأريخ السياسي طاغٍ جداً. لذا أصبح التاريخ في نظر الجيل الحالي لا يعدو سوى كونه مجموعة من الحروب لا تشكل له هاجساً بالتطلع إليه والبحث عنه.
ويضيف العريفي: اعتمد العرب في نقل أخبارهم على ديوانهم، وهو الشعر، ولم يدونوا بالكتابة الكثير من الأحداث -خصوصاً في فترة ما قبل الإسلام- لذا كان الشعر هو الوسيلة المثلى لنقل أخبار العرب وأيامهم، ومنه يستسقى التاريخ، لذا -ونحن في عصرٍ ضعفت فيه الذائقة الشعرية- يصعب على غير المهتم بالشعر أن يستمتع بالتاريخ من خلال الشعر.
إن أنماط حياة الفرد في هذا الوقت واهتماماته تغيرت كثيراً عن السابق، ففي فترةٍ كان الإخوة والأقارب يجتمعون فيتناقلون الأخبار، ويتذاكرون الأشعار، ويصححون معلوماتهم التاريخية من خلال نقاشاتهم البينية، فهنا كان التاريخ يعيش حيث هيئ له المُناخ المناسب. أما في هذا الوقت في بيئتنا السعودية، حيث إن الحياة العصرية تقتضي مواكبة التطور العلمي والتقني، متابعة سرعة الأحداث العالمية، والبحث عن فرص عمل مربحة لمواكبة تغييرات الحياة اقتضت البعد عن التاريخ ورواياته. وهذا بلا شك نقيض ما يصنعه العالم المتقدم، حيث إنهم مع وصولهم لمراحل متقدمة في العلم الحديث، إلا أنهم مازالوا يؤلفون في التاريخ، ويروونه لأبنائهم، وينشئون المتاحف، ويزورونها مع أبنائهم، ولأقسام التاريخ في جامعاتهم احترام كبير، وفرص خريجي التاريخ لديهم كبيرة في العمل، فهم يكرسون تاريخهم لصنع مستقبلهم.
العرفج:
الحاقدون على وطننا استغلوا الإعلام للإساءة إلى تاريخنا
وأما الباحث في التاريخ المحلي الأستاذ عبد الرحمن العرفج، فقد لفت النظر إلى جانب مهم عند العلاقة بين الإعلام والتاريخنا الوطني، وهو استغلال الإعلام للإساءة إلى وطننا... فالجيل الجديد - على حد قول العرفج - وبعد هذا الانفتاح الكبير على وسائل الإعلام والإنترنت وبرامج التواصل الاجتماعي أصبح يتأثر ببعض الحاقدين على دولتنا وبدأنا نسمع أن هذا التاريخ مكذوب مستندين على مقولة (التاريخ يكتبه المنتصر) وهنا - يضيف العرفج - يمكن الخلل في قصور وسائل الإعلام في بيان عدم مصداقية هذه المقولة.. الأمر الآخر وقد يكون بنسبة قليلة أسلوب كتابة التاريخ فتجد بعض من أرخ وسجل الحوادث قد كتبها بأسلوب وطريقة ينقصها شيء من التفصيل والتوضيح وخذ مثالاً على ذلك تاريخ المنقور فقد كتب بأسلوب بدائي جداً وإشارات بسيطة قد لا تفهم لأبناء الجيل الجديد وهنا يكمن دور وسائل الإعلام في إيصال هذا التاريخ بالشكل المفهوم.. أيضاً عدم الاهتمام بأقسام التاريخ في الجامعات واعتبار هذا القسم بديلاً للطلاب المتقدمين على الجامعات في حال لم تتحقق رغباتهم الأولية للأقسام المطلوبة..