يوسف المحيميد
قديمًا، وفي بداية طفرة الإعلانات التلفزيونية في السبعينات، كان الناس يتهافتون على المنتجات التي تضخها الإعلانات، وكانت الشركات تصل للمستهلكين من خلال الإعلان التلفزيوني أو الصحفي، وقد عاشت الصحف سنين من الرخاء والمكاسب من دخل الإعلانات، قبل أن تدخل في دوامة السنين العجاف بعدما انصرف عنها المعلن، باحثًا عن أسهل الطرق للوصول إلى المستهلك، ولو سأل أحدنا أستاذنا أواخر الثمانينات، حين كان يلقي علينا محاضرة في مادة إدارة الإعلان في كلية العلوم الإدارية، بجامعة الملك سعود، عن تحولات الإعلان في الألفية الجديدة، فلن يتوقّع أبدًا أن يأتي زمن يختص فيه الدهماء من الناس بالإعلانات التجارية، بوصفهم مشاهير يضحكون على المستهلكين ويستفزونهم بتصرفاتهم اليومية.
لقد تحولت بوصلة الإعلانات، ولم تعد الصحف الورقية، وحتى الإلكترونية، تجذب المعلنين، ولا تلفت انتباه المتلقين الذين يهتم لأمْرهم المعلن، وأصبح من يثرثر يومياً، ويصوّر لحظات الغداء والعشاء، والمشتريات الباهظة من الماركات العالمية، ويدخل في تفاصيل حياته الشخصية العادية ليشارك المتابعين بها، يحظى بمئات الآلاف من المتابعين البسطاء، وربما الملايين، فتصبح كلمته في منتج تجاري إعلاناً يستحق الدفع والقبض عليه.
مؤخرًا تنبه الناس في حسابات التواصل الاجتماعي، وبدأوا حملة نشطة لإلغاء متابعة مشاهير التواصل الاجتماعي، بالذات مشاهير (سنابتشات)، بعدما اكتشفوا أن هؤلاء لا يملكون شيئًا، وليس لديهم العلم والمعرفة، ولا التخصص الدقيق في مجال معين، ولا التجربة المهمة في الحياة، كي يتحدثوا للناس عنها، بل استهلكوا وقت المتابعين بالثرثرة المجانية، وغيّروا في سلوك البعض، بتوجيهه نحو الاستهلاك اليومي، وأحياناً الاستخفاف بهم، بطريقة مباشرة وغير مباشرة... ومع ذلك اختتم مقالي بأن الفضاء مفتوح للجميع على حد سواء، ومن حق هؤلاء الكسب بالطريقة التي يرونها، ومن حق المتابعين أن يختاروا قدوتهم أو ربما تسليتهم اليومية!