د. محمد عبدالله العوين
كتب رئيس تركيا رجب طيب أردوغان في حسابه بتويتر تغريدة أشاد فيها بتاريخ الدولة العثمانية، نفى عنها ارتكاب أية مظلمة على الشعوب التي حكمتها ضمن جغرافية واسعة جداً؛ حيث قال: «ولم يكن هناك ما يخجل في تاريخها لأنها حكمت بالعدل» معللاً شيوع الفوضى الآن والخراب والقتل وفقدان الأمن في المناطق التي كانت تحكمها الدولة العثمانية سابقاً بغياب سلطة الدولة عنها، ويعني بذلك البلدان التي عمّها خراب ودمار فوضى ما سُمي بالربيع العربي كمنطقة الشام والعراق واليمن وليبيا؛ إذ كانت هذه الدول من الممالك العثمانية إبان عز سطوتها وتمدد نفوذها، وكأن أردوغان يعد شعوب هذه الدول بعودة الاستقرار والأمن والبناء والتحضّر بهيمنة خلافة عثمانية جديدة يسعى إلى استعادتها مرة ثانية لتستعيد تركيا تلك الدورة التاريخية التي أفلت وطواها الزمان، وهي أضغاث أحلام دون تحقيقها خرط القتاد ودماء شهداء أحرار العرب الذين عانى أجدادهم الأمرين من وطأة واستبداد وجبروت وبطش الأتراك ثم ضحوا لطرد الغزاة وقدَّموا دماءهم فداءً لنيل الحرية وهزيمة المعتدي التركي في نجد والحجاز وعسير والحجاز وقطر ولبنان وسوريا طوال أكثر من مائة عام سالت فيها دماء الشهداء على أراضي البطولات لتكتب نصراً للإباء العربي واندحاراً وذلاً للغازي التركي الهمجي.
أي عدل وأي فعل لا يُخجل ومخازي الاحتلال التركي للشعوب العربية وغير العربية يعجز المؤرّخون عن ملاحقتها وتدوينها وتوثيق جرائم الأتراك وما زرعوه في ديار العرب والأرمن وأفريقيا وشعوب حوض البحر الأبيض المتوسط من رعب وألم، وما أراقوه من دماء، وما ارتكبوه من آثام التجويع والحصار والقتل الجماعي للأرمن وللعرب ولكل من طالب بحريته ودافع عن كرامته من الشعوب التي سامها الأتراك سوء العذاب.
أية عدالة وأي إجرام لا يخجل منه التاريخ ولا تشعر أنت بخجل من استعادة فصوله؛ بل تتباهى وتفتخر به؟!
إن كنت تجاهلت أو سعيت إلى استغفال التاريخ فإننا لا يمكن أن ننسى ولا يمكن أن تنسى أجيالنا اللاحقة ما ارتكبه أجدادك في حق أجدادنا، إن الجريمة لا تسقط بالتقادم، ولنا في ذمتكم دماء وأعراض وأموال ومجد هدمتموه بعد أن كان صرحاً شامخاً ومنارة علم وهداية بإسقاط دولتنا السعودية الأولى وقتل قادتها وأمرائها وعلمائها ومواطنيها على امتداد ممالك الدولة، وما ارتكبتموه من خيانة وغدر وتعذيب وتمثيل وسخرية وانتهاك حرمات وحصار وتجويع ومطاردة وإثارة للخوف وللرعب في القرى والمدن، لم تستثنوا نساءً ولا أطفالاً، ولا شيوخاً ولا عجزة، ولم تحترموا عالماً لعلمه ولا إماماً لمكانته ولا معلم قرآن لشرف ما يعلمه أو يحفظه، لقد اعتدى أجدادك الظلمة الذين تفتخر بتاريخهم المشين على الدولة السعودية وأتوا بانكشارية مصر ومواليهم من كل مرتزق أثيم مصطحبين معهم الخمور وعظائم الأمور (انظر تاريخ الجبرتي) بقيادة الغلام المراهق النزق إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا وبأمر جدك المجرم محمود خان الثاني الذي تفتخر وتزهو بآثامه .. يتبع