هالة الناصر
من لم ينظر لخالد المالك كعراب للصحافة السعودية هو لايعرف شيئاً عن تاريخ الإعلام السعودي، ورغم أننا مجتمع لاينصف تاريخ الشخص إلا بعد مماته لقدرتنا على تهميش الإنجازات بشكل مؤلم وظالم، تلاقفت جميع المنصات الإعلامية مقال العراب ( بيني وبين الصحافة، الخوف عليها) بكثير من التقدير والاحترام لكون صاحب المقال لايطلب شيئا لنفسه ويكتب من واقع مسؤوليته كرئيس لهيئة الصحفيين السعودية وعميدهم الذي أفنى عمره في خدمة الصحافة السعودية، وكم من مرة تعرض للأذى بسبب حميته على الصحافة والصحفيين،عندما يدق الجرس رجل مثل خالد المالك فهو يرى أبعد مما يعتقده المطبلون خلف الصحافة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي - حتى وإن بدأت كرهان للمستقبل - إلا أنها ليست الرهان المتين الذي يمكن الركون إليه وقت الحاجة لأنه ببساطة يمكن تزويرها وفبركتها ويستحيل التأكد من مصداقيتها واعتماد أخبارها والعمل بناء على هذه الأخبار، لابد أن نقرأ مقال العراب بحس وطني بعيد المدى، ولهدف المصلحة العامة وليس لهدف شخصي، وهذه عادة خالد المالك عندما يحتاج الإعلام السعودي من يدافع عنه ويحتميه في لحظة تحتاج إلى شجاعة وإخلاص، المجتمع السعودي بحاجة ماسة لبقاء الصحافة الورقية كركيزة أساسية للمشهد الإعلامي السعودي، ولايمكن تحمل ضريبة خروجها من المجتمع الذي سيترتب عليه الكثير من انتشار أخبار الفبركة وعدم القدرة على ضبط نشرها وإثارة البلبلة عبر منصات رقمية يمكن اختراقها وتمرير الكثير من الرسائل المغرضة من خلالها، لا يجب أن ينظر المجتمع للصحف السعودية الورقية كمشروع تجاري بحت، لأنها في المقام الأول مشروع وطني نهضوي ساهم مع الجميع في بناء مجتمع يتجه نحو النمو بخطوات واثقة ورصينة.
رئيس هيئة الصحفيين السعوديين كتب مقاله المدوي نيابة عن كل صحفي يهمه الوطن أولاً قبل كونه صحفياً يخاف أن يفقد راتبه الشهري؛ لأن من كتبه ومن قال عنه ( هذا المقال يمثلني) إنما هم -كأشخاص -تجاوزوا الاحتياج المادي والاحتياج الوظيفي وحتى تجاوزوا احتياج الشهرة كونهم تشبعوا منها، ولم تعد تعني لهم شيئاً، نفهم أهمية مقال (بيني وبين الصحافة، الخوف عليها) عندما نقرأه من زاوية وطنية بحتة، حتى لايصبح مجتمعنا في مهب ريح بين إشاعة ونفيها، علينا أن ننصت جيدا لناقوس الخطر الذي أومأ به العراب.