د. خيرية السقاف
يحتاج الإنسان إلى لحظات مسرٍّ يضحك فيها ملء صدره..
ولأن الواقع لا يتيح له أن يخلص ضحكه دوما للإسعاد, لأن فيه المبكيات المضحكات تسود, وتتوالد في مشهد ما يرى من شأن الدنيا, بل أبناء الحياة فيها, فإن أغلب ضحكه يبكي, لا يمنحه أكثر مما يجد نفسه فيه من التساؤل, والدهشة, بل الحسرة, والألم, والعجب!!..
يضحك المرء من غباء المرء, فيضج صمت الشفاه من إطباقها, ويلوب في خاطره شجن الأمنيات أن يكون أبناء الحياة في الحياة بنّائين, سعداء, شركاء, زارعين, مثمرين, عادلين, نزهاء, متجاورين, متكاتفين, منصفين, غير مسرفين, نظاميين, منطقيين, نشطاء, مسالمين, قانعين, مؤثرين على أنفسهم, نائين بها عن الصغائر, والتجاوز, والظلم, والشر, منجزين , يطربون لزقزقة العصافير, يُنعَّمون بشذى الزهور, يطيرون أمال مع النسائم, ويحطون إنجازًا مع الحركة, يتغشاهم العزم عند سكونهم, يسعدون بالنجاح, على يقين برسالتهم في الحياة,..
فإن اعتراه هذا المرء ذهولُ الراغب في ذلك, العاجز عنه, فإنه يحرك رأسه يمنة, ويسرة, ويطلق قهقهاته حيرة, وقهرا..
فلا ما يسعده من ضحكه هذا, إذ يكون الباعث له غير الذي يأتيه من بشرى.. أو ينطلق من رضا, وفرح, وسعادة, وامتنان..
لكن ربما انبعث فيه من هناك.. من حيث أمل تحقق, ورغبة نيلت, وإنجاز بلغ, ونجاح تم, وغاية تحققت, وهدف وُصل, ونتيجة أثمرت..
أجل يحتاج المرء في معمعة حياته, وممارسة معاشه, وتسارع مواقفه, ومحكات سيرورته, لأن يضحك سعادة, لا سذاجة, ووعيا لا جهلا..
لعل المشهد البشري الآن يحرض على الضحكات المبكيات, ببواعث ظواهر المبكيات المضحكات..
فلعله يميل لأن يتغير في ضوء توجه نوايا أبناء الحياة لأن يصبح واقع سلوكهم تنافسيًا نحو الخيرية فيهم, ولعلهم أن يثمروا ما يسعد في ضحكاتهم, ويسرُّ..