سعد بن عبدالقادر القويعي
اتهام مركز الحرب الفكرية - التابع لوزارة الدفاع السعودية - نظريات جماعة الإخوان المسلمين بتأصيل الأفكار الإرهابية، وإثارة عواطف الشباب نحو الكراهية، والعنف، والتكفير، والتركيز على مبدأ الخروج من الدولة الوطنية، ومبايعة المرشد العام، واستهداف الشباب باستغلال العاطفة الدينية لدى الفئات الأقلّ وعياً، هو تأكيد على تناقض فكرتهم الجوهرية مع المجتمع، وقواه السياسية، وتعبيراته، والقائمة على منهج العداء، والعنف؛ بسبب استحواذ محتوى الخطاب الإخواني على التطرف، والإرهاب، وبغض النظر عن طبيعة الثنائي بين المجتمع، والدولة.
لم يعد الأمر في حاجة إلى تفكير، أو بحث في انكشاف أهداف التنظيم، والتي عملت بشكل منظم دون أي خلل يعطل أهدافها؛ كونه مشروعًا يسعى للسلطة، والهيمنة، ولو وصلت إليه عن طريق العمليات الانتحارية، وتنفيذ اغتيالات بحق كل من لا يؤمن، أو يعارض فكرَهم. كما أنه شكل بؤرة، ومرتعًا لكل صنوف الجماعات، والأفكار الإرهابية، بل ومصدرًا رئيسًا للأيديولوجية المتطرفة المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية، والتي تتستر باسم الدين، وتتسم بالمراوغة، والغموض في أهدافها، وهيكلها المؤسسي، كل ذلك؛ من أجل ضمان الديمومة، والبقاء، والهروب من الملاحقة.
تشكل ظاهرة الدين السياسي كان نتاجاً لاجتياح الغرب بكل حمولته لمنطقة الشرق الأوسط، فمنذ نشأتها، وحتى وصولها إلى سدة الحكم في مصر - عبر ما يزيد على ثمانين عاماً - من الزمان، وبدلالاتها المتداولة - حاليًا -، وبنشاطها الإيديولوجي العنيف، والذي كان يهدف إلى التخويف؛ من أجل تحقيق أهداف سياسية، ولا بأس أن يتبادل المنفعة مع الظواهر الإرهابية؛ حتى وإن زعم التنظيم أنه يقدم نفسه بمنزلة تيار إصلاحي، ويعمل بشكل سلمي بعيدًا عن العنف. في القراءة السياسية الواقعية، فإن الوجه المتطرف للإخوان ظهر عندما تداخلت فيها المصاهرات السياسية بالعلاقات الشخصية، وجمعتها الخطط، والأهداف بأدبياتها الفكرية، وأيديولوجيتها - السياسية والدينية -، وتمظهر ذلك بجلاء في السلوك السياسي الذي تمارسه جماعة الإخوان المسلمين؛ نتيجة تراث راكمته منذ تأسيسها، وتفاعلت، وتداخلات، وتقاطعات مع خبراتها الخاصة. وهذا مرهون بمتغيرات كثيرة، لا يمكن حصرها؛ الأمر الذي يتطلب زيادة الوعى المجتمعي بسبل التعامل مع تلك الظاهرة، والبحث في بنيته - الفكرية والسياسية -، وخلفياته - الاقتصادية والاجتماعية -، وتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستغلها التنظيمات الإرهابية في جذب عناصر جديدة.